للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: هل يجوز أن يكون قوله: {عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ} إغراء؟ قلت: لا، لأنَّ الإغراء إنما ورد في اللغة الفصيحة مع الخطاب، كقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} (١)، وأما ما حكاه صاحب الكتاب رحمه الله عن بعضهم: عليه رجلًا لَيْسَنِي، فشيء شاذ لا يُحْمل الكتاب العزيز عليه (٢).

والحج: القصد. والاعتمار: الزيارة، واعتمر: زار وتَكَرّر، مأخوذ من عَمَرْتُ الموضع، هذا أصلُهما ثم غَلبَا على قصد البيت وزيارته للنُسْكَينِ المعروفينِ.

وأصل {أَنْ يَطَّوَّفَ} أن يتطوف، فأُدعْم بعد القلب.

وقرئ في غير المشهور: (أن يَطَّافَ) (٣)، وأصله: (يَطْتَوِف) يَفْتَعِل من الطواف، فأبدل من تاء الافتعال طاء، وأدغم الطاء فيها وقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.

وقرئ أيضًا: (أن يَطُوفَ) من طاف (٤).

وقرئ: (أَلَّا يَطَّوفَ بهما) بزيادة لا (٥)، وفيه وجهان:

أحدهما: (لا) صلة كالتي في قوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} (٦)، وقوله:


(١) سورة المائدة، الآية: ١٠٥.
(٢) كذا حكى صاحب التبيان ١/ ١٣٠. وانظر الكتاب ١/ ٢٥٠.
(٣) نسبت إلى ابن عباس رضي الله عنهما، وإلى أبي السمال. انظر إعراب النحاس ١/ ٢٢٥، ومشكل مكي ١/ ٧٦، والمحرر الوجيز ٢/ ٢٦، والتبيان ١/ ١٣٠.
(٤) هكذا أيضًا قال الزمخشري ١/ ١٠٤، وعزاها أبو حيان ١/ ٤٥٧ إلى أبي حمزة. وفي الدر المصون ٢/ ١٩٠: وقرأ أبو السمال (يطوف) مخففًا من طاف يطوف. لكن قال النحاس ١/ ٢٢٥: لا نعلم أحدًا قرأ (أن يطوف بهما). فالله أعلم.
(٥) نسبت هذه القراءة إلى علي، وابن عباس، وابن جبر، وأنس بن مالك، ومحمد بن سيرين، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وابن مهران رضي الله عنهم ورحمهم جميعًا. انظر المحتسب ١/ ١١٥، والمحرر الوجيز ٢/ ٢٧.
(٦) سورة الأعراف، الآية: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>