للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الحسن: أن الفاء محذوفة من الوصية، وهي جواب الشرط، والتقدير: فالوصية للوالدين، وأَنشد محتجًا به:

٩٠ - مَنْ يَفْعِلِ الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا ... والشَّرُّ بالشَّرِّ عِنْدَ اللهِ مِثْلانِ (١)

أي: فاللهَ يَشكرها، فالوصيةُ على هذا مبتدأ، و {لِلْوَالِدَيْنِ} الخبر. وقيل: الخبر محذوف، والتقدير: فعليه الوصية (٢).

وقال غيره: جواب الشرط ما تقدمه من معنى الكلام، كما تقول: أنت ظالم إن فعلت (٣).

فإن قلتَ: هل يجوز أن تَرْفَعَ الوصية المذكورة في الآية بـ {كُتِبَ} مع جعلك إياها مصدرًا، وتجعله عاملًا في {إِذَا}؟ قلت: لا؛ لأنك إذا جعلتها مصدرًا وأعملتها في {إِذَا} تكون {إِذَا} في صلتها، وما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه.

وقال الزمخشري: الوصية فاعل {كُتِبَ}، وذُكّر فعلُها للفاصل، ولأنها بمعنى أن يُوصِي، ولذلك ذُكِّر الراجع في قوله: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ} (٤). وهو سهو لما ذكرت آنفًا من أن ما كان في صلة المصدر لا يتقدم عليه، إلَّا أن


(١) اختلف في نسبة هذا البيت فقيل لحسان، وقيل لابنه عبد الرَّحمن، وقيل لكعب بن مالك رضي الله عنهم، وانظره في كتاب سيبويه ٣/ ٦٥، ومعاني الفراء ١/ ٤٧٥، والمقتضب ٢/ ٧٢، وإعراب النحاس ١/ ٢٣٣، ومجالس العلماء / ٢٦١/، والخصائص ٢/ ٢٨١، والمحتسب ١/ ١٩٣، والمقتصد ٢/ ١١٠٢، والمفصل / ٣٨٣/، وابن عطية ٢/ ٦٧، والبيان ١/ ١٤١، والتبيان ١/ ١٤٦، وشرح ابن يعيش ٩/ ٣، وحكى النحاس ٢/ ٧١ عن الأصمعي أن النحويين غيروا هذا البيت، وإنما الرواية:
من يفعل الخير فالرحمن يشكره ... .........................
(٢) انظر معاني الأخفش ١/ ١٦٨.
(٣) كذا في العكبري ١/ ١٤٧، وأجاز النحاس ١/ ٢٣٣ أن يكون جواب الماضي قبله. وقال مكي في المشكل ١/ ٨٣ - ٨٤: وما قبل (إذا) جواب لها، و (إذا) وجوابها جواب الشرط في (إن ترك خيرًا).
(٤) من الآية التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>