للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعم بعضهم (١)؟ قلت: لا؛ لأنك تفصل بين الصلة والموصول بخبر {وَأَنْ}، وذلك أن (أن) وما بعدها في تأويل المصدر، وكل ما عَمِلَ فيه المصدرُ فهو من صلته، ولا يجوز أن يُفْصلَ بينه وبين صلته بما ليس منها. وإذ نصبت {شَهْرُ رَمَضَانَ} بقوله: {وَأَنْ تَصُومُوا} فصلت بينه وبين معموله الذي هو {شَهْرُ رَمَضَانَ} بالخبر الذي هو {خَيْرٌ لَكُمْ}، والخبر أجنبي من الصلة، فلا يجوز أن تفصل به بين الصلة والموصول، فاعرفه وقس عليه نظائره (٢).

ومعنى {أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}: ابتدئ فيه إنزاله، وكان ذلك في ليلة القدر على ما فسر (٣).

وقيل: أُنزل جملة إلى سماء الدنيا، ثم نُزّل إلى الأرض نُجومًا (٤).

وقيل: أُنزل في شأنه القرآن (٥)، وهو قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، كما تقول: أُنزل في عائشة كذا، وفي عمر كذا، [رضي الله عنهما] فيكون {فِيهِ} على الوجه الأول ظرفًا لنزول القرآن، ولا يكون على الوجه الثاني ظرفًا له، إنما يكون متعديًا إليه الفعل بحرف الجر، فاعرفه.

وسمي الشهر شهرًا، لشهرته. وجمعه في القلة أَشْهُرٌ، وفي الكثير شُهورٌ. ورمضان: مشتق من الرَّمَض، وهي شدة وقع الشمس على الرَمْل


(١) قاله الطبري ٢/ ١٢٤، والزمخشري ١/ ١١٤، وابن عطية ٢/ ٨٢.
(٢) كذا أيضًا رده مكي في المشكل ١/ ٨٦، وابن الأنباري في البيان ١/ ١٤٤.
(٣) كذا في الكشاف ١/ ١١٤. ونسب ابن الجوزي ١/ ١٨٧ هذا القول إلى ابن إسحاق، وأبي سليمان الدمشقي.
(٤) خرجه الطبري ٢/ ١٤٤ - ١٤٦ من عدة أوجه. ونجومًا، أي: متفرقًا.
(٥) هذا قول مجاهد، والضحاك. انظر النكت والعيون ١/ ٢٤٠، والمحرر الوجيز ٢/ ٨، وزاد المسير ١/ ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>