للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} (١) في اليوم، إلا أنه اتّسِعَ [فيه] فجُعل الأول لما كان فيه، كما فُعل ذلك في قوله: {يَوْمُ الزِّينَةِ}، وإن قلت: موعدُكم موعدُ يومِ الزينة، فقد أخرجته أيضًا على هذا التقدير عن أن يكون ظرفًا [لأنك قد أضفت إليه، والإضافة إليه تخرجه عن أن يكون ظرفًا] (٢). كما أنَّ رفعه كذلك، ويدلك على تأكيد خروجه عن الظرف عطفك عليه ما لا يكون ظرفًا، وهو قوله: {وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} (٣). وقد يجوز أن تجعل الحجَّ الأشْهُرَ على الاتساع، لكونه فيها وكثرته من الفاعلين له. انتهى كلامه (٤).

فإن قلتَ: هل يجوز نصب {أَشْهُرٌ} في العربية على الظرف على ما ذكرت: القتالُ اليومَ؟ قلتُ: أجاز بعضهم ذلك، وأباه الأكثرون (٥) فارِقِين بين المعرفة والنكرة، مستشهدين عليهما بقول العرب: المسلمون جانبٌ، والكفارُ جانبٌ، بالرفع، فإذا أضافوا نصبوا، فقالوا: المسلمون جانبَ أرضهم، والكفارُ جانبَ بلادهم، وذلك أن النكرة لما جاءت على شرط الخبر في كونه نكرة من حيث فيه الفائدة، رفعوا بأنها خبر الابتداء، فلما صارت معرفة والخبر يطلب النكرة نصبوا، ليصح تقدير الاستقرار الذي هو نكرة، كأنه قيل: المسلمون مستقرون جانب أرضهم، ففائدة الرفع في (جانب)، وفائدة النصب في (مستقر)، فاعرف الفُرقان بينهما.

{مَعْلُومَاتٌ}: نعت لأشهر، والأشهر المعلومات: شوَّال، وذُو القعدة، وعشرُ ذي الحجة. فإن قلت: فكيف جاز لشهرين وعَشْرٍ من الثالث أن يجمع على أشهر؟ قلت: قيل: فيه وجهان:


(١) سورة طه، الآية: ٥٩.
(٢) ما بين المعكوفتين في الموضع السابق وهنا أضفتها من كتاب الحجة كما سوف أخرج.
(٣) من نفس الآية السابقة.
(٤) الحجة للقراء السبعة ٢/ ٢٣ - ٢٤.
(٥) انظر معاني الفراء ١/ ١١٩، وإعراب النحاس ١/ ٢٤٥، ومشكل مكي ١/ ٨٩، والمحرر الوجيز ٢/ ١٢٠، والبيان ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>