للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى صاحب الكتاب أيضًا: أن بعض العرب يحذف التنوين من {عَرَفَاتٍ}، ويترك التاء مكسورة في الجر والنصب لَمَّا جعلها اسمًا معرفة (١)، وهذا البعض لم يجعل التنوين في مسلمات بمنزلة النون في مسلمون، كيف والحركة موجودة في حرف الإعراب من مسلمات فلا يمكن أن يقال إنه عِوَضٌ من الحركة، وإنما هو تنوين في الأصل.

وحَكَى الأخفش والكوفيون فتح التاء فيها من غير تنوين في النصب والجر، على إجرائها مجرى تاء التأنيث في نحو طلحة وعائشة ونحوهما من المفرد (٢)، وأنشدوا بيت امرئ القيس (٣):

٩٤ - تَنَوَّرْتُها من أَذْرِعات ... ......................... (٤)

بالكسر والتنوين، وهو الأشهر، وبالكسر من غير تنوين؛ لأنه اسم مؤنث معرفة، غير أنه كَسَرَهُ من أجل الشبه بالجمع، ومنعه التنوين، وبالفتح من غير تنوين تشبيهًا بتاء طلحة، من أجل أنه قد صار اسمًا لشيء واحد، فهو بالواحد أشبه منه بالجمع، فاعرفه.

فإن قلت: لم سُميتْ بعرفات؟ قلت:


(١) انظر الكتاب ٣/ ٢٣٤. ومثل له بـ (أَذْرِعات).
(٢) انظر معاني الأخفش ١/ ١٧٧، وإعراب النحاس ١/ ٢٤٧، ومشكل مكي ١/ ٩٠، والبيان ١/ ١٤٨.
(٣) هذا لقبه، واختلف في اسمه فقيل: حندج. وقيل: مليكة. وقيل: عدي. يماني الأصل، نجدي المولد، قال الشعر وهو صغير، واشتهر باللهو والشراب، فنهاه أبوه وأبعده، فلما وصل إليه نعي أبيه قال: اليوم خمر وغدًا أمر، ويلقب بالملك الضلّيل، وبذي القروح، وأخباره مشهورة، توفي بأنقرة (الشعر والشعراء - الأعلام).
(٤) البيت كاملًا هكذا:
تنورتها من أذرعات وأهلها ... بيثربَ أدنَى دارِها نَظَرٌ عالٍ
والبيت من شواهد الأخفش ١/ ١٧٧، والمبرد في المقتضب ٣/ ٣٣٣، والطبري ٢/ ٢٨٥، والزجاج ١/ ٢٧٣، والنحاس ١/ ٢٤٧، واشتقاق أسماء الله/ ١٨٥/، وشرح الحماسة للمرزوقي ٣/ ١٣٥٩، وسمط اللآلي ١/ ٣٥٩، وخزانة الأدب ١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>