للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أن أصلها ذُرِّيَّةٌ، (فُعْلِيَّةٌ) من الذر أيضًا، فالياءان فيها مزيدتان.

والرابع: أن أصلها ذُرِّيْرَةٌ، (فُعِّيْلَةٌ)، فأبدلت الراء الأخيرة ياء كراهية اجتماع الأمثال، وأدغمت الأولى فيها.

والخامس: أن أصلها ذُرُّوْوَةٌ، أو ذُرُّوْيَةٌ، (فُعُّولَة) من ذرت الريح التراب وغيره تذروه وتذريه ذروًا وذرْيًا، إذا سَفَتْهُ، ثم فُعل بها مثل ما قد سلف من القلب والإِدغام وكسر الراء، فاعرفه (١).

والجمهور على ضم الذال، وقرئ بكسرها إتباعًا لكسرة الراء (٢). فإن قلت: لم ضمت الذال من ذرية؟ قلت: يحتمل وجهين:

أحدهما: أن تكون منسوبة إلى هذه المذكورات، فتكون من تغيرات النسب، كما قالوا في النسب إلى الدَّهْر: دُهْرِيٌّ.

والثاني: أن تكون غير منسوبة، فتكون كقُمْرِيَّة وبُخْتِيَّةٍ.

{فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ}: عطف على {أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} على التأويل المذكور، أو على ما تعلق به قوله: {مِنْ نَخِيلٍ}، وقد ذَكَرْتُ قبيل.

والإِعصار: ريح تثير الغبار ويرتفع إلى السماء، كأنَّه عمود نار (٣).

وقيل لها: إعصار؛ لأنها تلتف كالتفاف الثوب في العصر (٤).

وقيل: هي ريح تثير سحابًا ذات رعد وبرق (٥).


(١) انظر في أصل (ذرية) أيضًا: المحتسب ١/ ١٥٦ - ١٦٠، والبيان ١/ ١٧٥ - ١٧٦، والتبيان ١/ ٢١٨.
(٢) نسبت إلى زيد بن ثابت رضي الله عنه، انظر المحتسب ١/ ١٥٦، والبحر المحيط ٢/ ٣٧٧.
(٣) هذا قول أبي عبيدة في المجاز ١/ ٨٢. وذكره البخاري في كتاب التفسير، باب (فإن خفتم فرجالًا أو ركبانًا .. ) عن ابن جبير رحمه الله.
(٤) قاله الماوردي في النكت والعيون ١/ ٣٤١. وحكاه ابن عطية ٢/ ٣٢٢ عن المهدوي.
(٥) ذكره الجوهري في الصحاح (عصر).

<<  <  ج: ص:  >  >>