للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ} في موضع رفع صفة لرجل وامرأتين، أي: مرضيون، وهم الذين عُرفت عدالتهم. وقيل: هو صفة لشهيدين (١). وقيل: هو بدل من {رِجَالِكُمْ} (٢)، والأول هو الوجه للقرب.

{مِنَ الشُّهَدَاءِ}: بدل من قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ}، ولك أن تجعله حالا من العائد المحذوف من الصلة، تقديره: ترضونه كائنًا من الشهداء.

وقوله {أَنْ تَضِلَّ} أن وما عملت فيه في موضع نصب على أنها مفعول له، أي: من أجل أن تضل، أو إرادة أن تضل، والعامل فيها محذوف، أي: فليشهد أو يشهدون، على ما ذكرتُ قُبَيل.

وإنما ذكَرَ الضلالَ؛ لأنه سبب الإِذكار، والإِذكار مُسَبَّبٌ عنه، وهم يُنزِلون كل واحد من السَّبَبِ والمُسَبَّبِ منزلة الآخر، لالتباسهما واتصالهما، ونظيره قولك: أعددتُ الخشبةَ أنْ يَميلَ الحائطُ فَأَدْعَمَهُ بها، ومعلوم عند ذوي النهى أن إعدادها للدعم لا للميلان، ولكنك أخبرت بعلَّة الدعم وسببه (٣)، ومثله قول الشاعر:

١١٢ - ...................... ... فَلِلْمَوتِ ما تلدُ الوالدهْ (٤)


(١) قاله ابن الأنباري ١/ ١٨٣، لكن رده مكي ١/ ١٨٨ - ١١٩. وضعفه العكبري ١/ ٢٢٨.
(٢) قاله ابن الأنباري في البيان ١/ ١٨٣ وقدمه. وذكره أبو البقاء ١/ ٢٢٨ أيضًا.
(٣) هذا كلام سيبويه ٣/ ٥٣. وحكاه عنه: الزجاج ١/ ٣٦٤، والنحاس ١/ ٢٩٩.
(٤) هذا عجز بيت اختلف في نسبته وصدره، فمنهم من عزاه إلى سماك بن عمرو العاملي، ومنهم من عزاه إلى شتيم بن خويلد الفزاري، كما ورد في شعر لعبيد بن الأبرص. وجاء صدره في مجمع الأمثال هكذا:
فأم سماك فلا تجزعي ... .......................
وجاء في اللسان هكذا:
فإن يكن الموت أفناهم ... ..........................
وفي شعر عبيد بن الأبرص جاء:
فلا تجزعوا لحِمام دنا ... ............................
وانظره في إعراب النحاس ١/ ٥٧٢، ومشكل مكي ١/ ١١٨. ومجمع الأمثال ١/ ١٧٦ عند شرح المثل: تطلب أثرًا بعد عين. ولسان العرب (لوم)، وخزانة البغدادي ٩/ ٥٣٣ - ٥٣٤ وفيه نسبته إلى آخرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>