للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {كَثِيرًا} أي: ذكرًا كثيرًا، ثم حذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.

{بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ}: العَشي: من حين تَزول الشمسُ إلى أن تغيب، قيل: وهو مفرد، وقيل: جمع عَشِيَّة (١). والإِبكار: من طلوع الفجر إلى وقت الضحى، قال الرماني: وأصله التعجيل بالشيء.

والجمهور على كسر الهمزة، وهو مصدر أبكر يُبْكِر إِبكارًا، إذا شرع في الوقت المذكور، والتقدير: ووقت الإِبكار، وقرئ: بفتحها (٢)، وهو جمع بَكَرٍ، كَسَحَرٍ وأسحار. يقال: أتيته بَكَرًا، بفتحتين.

{وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (٤٢)}:

قوله عز وجل: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ} أي: واذكر إذ قالت. والطاء في اصطفى مُبدَلةٌ من تاء، وأصله: اصتفى، افتعل من الصفوة، فأبدلت التاء طاء لتؤاخِي الصاد في الإطباق.

{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣)}:

قوله عز وجل: {وَاسْجُدِي وَارْكَعِي} أي: افعلي كليهما، وقد ثبت في الصدور واستقر في النفوس تقديم الركوع، والقوم إذا أمنوا تلعبوا بألفاظهم، مع أن العاطف هنا عار عن الترتيب، وفيه أقوال أخر لا يليق ذكرها هنا (٣).


(١) قال النحاس في الإعراب/ ٣٣٠: والأَولى أن يكون واحدًا للمستقبل. وانظر المحرر الوجيز ٣/ ٨١.
(٢) يعني: (والأَبكار) بفتح الهمزة. كذا هذه القراءة في الكشاف ١/ ١٨٩. ومفاتيح الغيب ٨/ ٣٧ دون نسبة، وحكاها في شواذ القراءات/ ٢٠/ عن الأخفش عن بعضهم.
(٣) ذكروا منها أيضا أن السجود كان مقدمًا في شريعتهم، أو أن المعنى: استعملي السجود في حال والركوع في حال، لا أنهما يجتمعان في ركعة، أو أنه مقدم ومؤخر، والمعنى: اركعي واسجدي .. انظر زاد المسير ١/ ٣٨٨، ومفاتيح الغيب ٨/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>