للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصب على الحال من الكفر، أي: كائنًا أو صادرًا منهم، ويحتمل أن يكون متعلقًا بأحسَّ. والإِحساس: الإِدراك بالحواس، أي: فلما علم منهم الكفر عِلمًا لا شبهة فيه، كعلم ما يُدْرَكُ بالحواس {قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ}. وأنصار: جمع نصير، كأشراف وأشهاد في جمع شريف وشهيد.

وقوله: {إِلَى اللَّهِ} قيل: فيه وجهان.

أحدهما: أن يكون من صلة {أَنْصَارِي} متعلقًا به مضمنًا معنى الإِضافة، كأنه قيل: من الذين يضيفون أنفسهم إلى الله ينصرونني كما ينصرني.

والثاني: أن يكون متعلقًا بمحذوف مجعولًا حالًا من الياء، أي: مَن أنصاري ذاهبًا إلى الله ملتجئًا إليه؟

وقيل: {إِلَى} بمعنى (مع) لتقارب معناهما من معنى الإِضافة ومعنى المصاحبة، أي: مَن أعواني على هؤلاء الكفرة مع إعانة الله؟ وليس بالمتين لإِخراج الحرف عمّا وُضِع له مع وجود المندوحة عنه (١).

{قَالَ الْحَوَارِيُّونَ}: حواريُّ الشخصِ صفوتُه وخالصتُه، ومنه قيل لِلحَضَرِيّاتِ: الحوارياتُ، لخلوص ألوانهنَّ ونظافتهنَّ (٢)، والحَوَرُ أصله البياض، ومنه الحُوَّارَى من الطعام لشدة بياضه، فسموا بذلك لبياض ثيابهم (٣). وقيل: كانوا يُحَوِّرُونَ الثيابَ، أي: يغسلونها (٤). وقيل: اشتقاقه من حَار يَحُورُ، إذا رجع، فكأنهم الراجعون إلى الله (٥).


(١) كون (إلى) بمعنى (مع): هو قول ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن/ ٥٧١/. وأخرجه الطبري ٣/ ٢٨٤ عن السدي، وابن جريح، لكن الزجاج ١/ ٤١٦ رده.
(٢) اللفظ لصاحب الكشاف ١/ ١٩١. والمعنى قاله الطبري ٣/ ٢٨٧.
(٣) هذا قول سعيد بن جبير كما في جامع البيان ٣/ ٢٨٧.
(٤) أخرجه الطبري ٣/ ٢٨٧ عن أبي أرطأة.
(٥) قاله أبو البقاء في التبيان ١/ ٢٦٥، وانظر معاني الزجاج ١/ ٤١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>