للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال غيره: الهمزة في مِثْل هذا حقها أن تدخل على جواب الشرط، والتقدير: أفتنقلبون على أعقابكم إن مات محمد - صلى الله عليه وسلم - أو قتل؟ لأن الغرض التوبيخ أو الإِنكار على هذا، وليس بشيء، والقول ما قالت حَذامِ؛ لأن الجواب لو قدم في نحو هذا لم يكن لدخول الفاء وجه بوجه، ألا ترى أنك لو قلت: أَتكرمُني فإن أكرمتُكَ، كان خَلْفًا من القول، وأيضًا فإن الشرط والجزاء بمنزلة شيء واحد لانعقاد كل واحد منهما بالآخر، فلما كان كذلك، اشتمل الاستفهام عليهما جميعًا، وأيضًا فإن الاستفهام له صدر الكلام، والشيء إذا وقع في موضعه لا يُنْوَى به التأخير من غير اضطرار (١).

وقوله: {عَلَى أَعْقَابِكُمْ} يحتمل أن يكون متعلقًا بقوله: {انْقَلَبْتُمْ}، وأن يكون متعلقًا بمحذوف على أن تجعله حالًا من الضمير في {انْقَلَبْتُمْ}، أي: انقلبتم مدبرين، أو مرتدين، على ما فسر (٢).

وقوله: {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ} أي: ومن يرجع إلى الكفر بعد الإِيمان، فلن يَضُرَّ اللهَ بارتداده شيئًا.

{شَيْئًا}: واقع موقع ضَرًّا، وهو منصوب على المصدر لوقوعه موقعه، وقد ذكر نظيره فيما سلف (٣).

والكلام شرط وجزاء، ومعناه التهديد والوعيد، والتقدير: مَنِ ارتدّ ضَرّ نفسه باستحقاق العقاب.


(١) انظر في هذه المسألة أيضًا: الزجاج ١/ ٤٧٤، والنحاس ١/ ٣٦٨، وابن عطية ٣/ ٢٤٧، والعكبري ١/ ٢٩٦.
(٢) كذا ذكر الزمخشري ١/ ٢٢١ المعنيين: الإدبار أو الارتداد، وقوّى الأول. ولم يخرج الطبري ٤/ ١١٠، ولم يذكر الزجاج ١/ ٤٧٣، والماوردي ١/ ٤٢٧، والبغوي ١/ ٣٥٨ إلا الثاني. وقال القرطبي ٤/ ٢٢٦ بعد أن ذكر الارتداد: وقيل المراد بالانقلاب هنا الانهزام، فهو حقيقة لا مجاز، وقيل المعنى: فعلتم فعل المرتدين وإن لم تكن ردة.
(٣) انظر إعراب الآية (١٢٠) من هذه السورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>