للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكما حذفت من كينونة، وهي مصدر كان الشيء يكون كونًا وكينونة. وقيدودة، وهي مصدر قاد يقود قودًا وقيدودة، وصيرورة، وهي مصدر صار يصير مصيرًا وصيرورة، فاجتمعت الواو والياء، وسَبقت الأولى بالسكون، فقلبوا الواو ياء وأدغموا فيها الياء الأولى، فصار في التقدير: كَيَّنُونة وقَيَّدُودة وصَيَّرُورة، فحذفوا الياء الثانية المنقلبة عن الواو التي هي عين الفعل فصارت كَيْنونة وقَيْدودة وصَيْرورة كما ترى، وألزموا الحذف، لأنهم قد قالوا في ميّت وهيّن: ميْت وهيْن، فحذفوا عين الفعل مع أن الكلمة على أربعة أحرف، وخَيروا بين الحذف والإِتمام، فلما كانت كيَّنونة وقَيَّدودة وصَيَّرورة على ستة أحرف طالت، فألزموها الحذف، ولم يخيروا بين الحذف والإِثبات، كما فعلوا في مَيْتٍ وهَيْنٍ، فصارت بعد الحذف كَيْئِنْ كهيعن، ثم قلبت الياء الساكنة ألفًا كما قلبت في طائِيٍّ وآية في قول من جعل أصلها أيَّةً (١)، كما قلبت في حِيْرَةٍ حين قالوا حَارِيٌّ (٢) فصارت بعد القلب والحذف (كائن) كما ترى، فالهمزة فاء الكلمة، والألف التي قبلها عينها، واللام محذوفة، ووزنها كَعْفِنْ.

وأصل النون: التنوين، فالقياس حذفها في الوقف كالتنوين وهو مذهب أبي عمرو، فأما من وقف بالنون، فإنه احتج بأن هذه الكلمة لما دخلها هذا التغيير صار التنوين بمنزلة النون التي من أصل الكلمة، فصارت بمنزلة لام فاعلٍ، فلهذا يوقف عليها بالنون، وأيضًا فإنه اتَّبَعَ الرسمَ، لأف هكذا هو مكتوب.

وقال بعض البصريين حكاية عن الخليل (٣): إن الأصل كأيٍّ، ثم قدمت إحدى اليائين وهي الأولى الساكنة المدغمة مكان الهمزة، وأُخِّرت الهمزة مكانها، ثم حركت الياء المقدمة بحركة الهمزة وهي الفتحة، وسُكّنت الهمزة


(١) انظر كتاب سيبويه ٤/ ٣٩٨، والحجة ٣/ ٨١، والمشكل ١/ ١٦١.
(٢) انظر المحتسب ١/ ١٧٢.
(٣) انظر هذا القول في المشكل ١/ ١٦١، والكشف ١/ ٣٥٧ - ٣٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>