للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على أنه بمعنى المُحْسِب أنك تقول: هذا رجل حَسْبُكَ من رجل، فتصف به النكرة، وهذا عبد الله حَسْبَكَ من رجل، فتنصبه على الحال؛ لأن إضافته لكونه في معنى اسم الفاعل غير حقيقية، ولكونه مصدرًا يستوي فيه الواحد والتثنية والجمع.

وقوله: {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} فعيل بمعنى مفعول، أي: ونِعْمَ الموكولُ إليه الأمرُ هو، فـ (هو) هو المخصوص بالمدح، وإنما حُذف لكونه معلومًا، كقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ} (١) أي نعم العبد أيوب عليه السَّلام، وقوله: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} (٢)، أي: فنعم الماهدون نحن.

{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٤)}:

قوله عز وجل: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ} (بنعمةٍ) في موضع نصب على الحال من الضمير في {فَانْقَلَبُوا}، أي: فرجعوا ملتبسين بنعمة كائنة من الله متآزرين بها، وهي السلامةُ وحَذَرُ العدو منهم على ما فُسِّرَ (٣)، وكذا {لَمْ يَمْسَسْهُمْ} حال أيضًا من الضمير المذكور آنفًا، أي: غير لاقين ما يسوؤهم. وقد جوز أن يكون {بِنِعْمَةٍ} مفعولًا به (٤).

وقوله: {وَاتَّبَعُوا} يحتمل أن يكون عطفًا على قوله: {فَانْقَلَبُوا}، وأن يكون حالًا وقد معه مرادة.

{إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)}:

قوله عز وجل: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} الإِشارة إلى ما سلف


(١) سورة ص، الآية: ٤٤.
(٢) سورة الذاريات، الآية: ٤٨.
(٣) الكشاف ١/ ٢٣١.
(٤) كذا أيضًا في التبيان ١/ ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>