وكانت أيام المشمش وقد وصلت من دمشق أحمالها، وحلت في تلك الحالة حالها، واقدم الجذل قدومها، وطلعت في أبراج الأطباق نجومها. كأنها كرات من التبر مصوغة، أو بالورس مصبوغة. صفر كأنها ثمار الرايات الناصرية حلا ذوقا، وأحل شوقا، ولو نظم جوهره لكان طوقا. وهو أحلى من السكر، واعبق من العبهر، وأحسن هيئة من النارنج الأحمر، والليمون المركب المدور، وقد زفت عروسه في الثوب المعصفر، والخمار المزعفر. كأنما خرط من الصندل، وخلط
بالمندل. وجمد من الثلج والعسل، فهو الذي يضرب بضربه مثل الثمل، ويقضب من قضبه لقب القبل. ونظر ما نضر، وما حظر ما حضر. ورثى هناك لقطوفه قطاف، ولطوافيره طواف. ولعقوده مصارف، ولنقوده ضيارف. فكأنها وجوه العشاق اكتست اصفرارا، أو جمرات تشتعل نارا وتبدى شرارا، وقد أعاد لجينها صواغ القدرة الإلهية نضارا. بل هي أحداق الحدائق، وقلوب البوارق. ووجنات الجنات صبغها بلونه البرق، وصفرها من خوفه الرعد، ودورها بوقده الودق. لا بل اصفرت من مهابة الجنات الجناة، وانتظمت من جواهر الحيا للحياة، واضطرمت لهاها شوقا إلى فتح اللهاة.
ولما فرغت الموائد، وبلغت المقاصد احضر السلطان لعماد الدين هداياه وحياه بأحسن من تحاياه، من خيل صفون، وحصن كحصون. وعراب جياد من طرائف الطريفيات، وسوابق سوابح من العتاق الاعوجيات والمذاكي المنسوبات. من كل