للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عال وعنجوج ذيال. فاختار منها كل طرف. قد حط من قدره إذا قوم بألف. من كل أشهب قرطاسي، وأشعل سوسني، وأغر صنابي. وأدهم غيهبي. وأحم أحوى. وأشقر مدمي. وأبرش مدثر، وكميت مضمر. وأخضر وأدبس، وسمند أغبس.

ثم أحضر له ما يناسبها من التحف اللائقة، والطرف الرائقة، والعدد الرائعة، والأسلحة المانعة. والسابريات السابغات، والدروع والزرديات، والرؤوس والرانات. والخوذ والترائك، والبواتر البواتك. والدلاص الموضونة، والنصال المسنونة.

ومن المستعملات المصرية الذهبية والحريرية. والملحم والدبيقي والمصمت والمغربي والعراقي. ومن نسج تونه وتنيس؛ كل ثمين ونفيس. وما شاكله من أنواع الطيب، على النمط والترتيب. ثم انصرف وعرف حمده متضرع، وعرف جده متنوع. وشدو شكره وعطف فخره مترنم مترنح، وأمره متحبر متربح، ووده مترج مترجح. ودعاؤه صالح، وثناؤه صادح. ولسانه داع، وجنانه واع، وعهده راع، وسعده ساع.

وتصاحب هو والسلطان في الركوب والجلوس، والتناجي بما في النفوس والتدبر فيما يقدم ويؤخر ويقرر، ويورد ويصدر. وتكررت المشاورة في الموضع الذي يبدأ بقصده، ويوفي العزم فيها الجهاد حق جهده. واتفقوا على عرقا وعرقها وعقرها. والزول بعقرها. وإنها إذا ملكت ملكت طرابلس. وأسفر عن صبح فتحها

الغلس، وأقام العسكر أياما على (قدس)، وبقبس النصر قد تأنس، ولسناء الظفر قد توجس. وأتى العرب، وواتى الأرب. واجتمعت الجيوش وجاشت الجموع، وآن لليل العزم المدلج من صبح النجح الطلوع، ونبعت الفيوض من النعم وفاض الينبوع، وأينعت ثمار وطابت الينوع. ثم رحلنا أول شهر ربيع الآخر إلى البقيعة تحت حصن الأكراد، وخيمنا على الربا والوهاد، وصوبنا إلى الجهاد هوادي الجياد، وأدنينا قطاف ألطاف الله لاجتناء الأجناد. وكانت الأعشاب بالشعاب واصية، والشوائب من المشارب قاصية، والقضب للقرب في طاعة الله عاصية. وطار الرعب، وثار العجم والعرب، وخاف الكفر، وطاف الذعر، وقال نفر الشرك نفر ولا نستقر. وتشوروا، وتشاوروا، وحاروا وتحاوروا. كأنهم في قبور حصونهم أموات، لا ترتفع لهم من الوهل والوله أصوات. واجمعنا على دخول بلد الساحل على التجريد للتجريب، وجوس خلال البعيد والقريب. ثم تجرد العسكر عن الأثقال، وتجزأ على أخذ أهبة القتال.

وسار السلطان ومعه عماد الدين زنكي وسيفه بصقالة يضحك وبدم الكفر يبكي. (ومظفر الدين كوكبوري) وهو الذي حين يواري صارمه المشهور في نجيع العدا لزند الظفر يوري. وصحبه من فرسان العرب كل فارس معرب، ومن شجعان

<<  <   >  >>