للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أكثم بن صيفي -حكيم العرب-: «ذلِّلوا أخلاقَكم للمطالِب، وقودوها للمحامل (١) وعلّموها المكارم، ولا تقيموا على خُلق تَذُمُّونه من غيركم، وصِلوا من


= ولفظه: «قال محمد بن عباد المهلبي: دخل أبي على المأمون، فوصله بمئة ألف درهم، فلما قام من عنده تصدق بها، فأُخبر بذلك المأمون، فلما عاد إليه عاتبه في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين! منعُ الموجود من سوء الظن بالمعبود، فوصله بمئتي ألف أخرى» .
وأورده أبو الوفاء ريحان الخوارزمي في «المناقب والمثالب» (ص ١٨٠ رقم ٥٨٣) بمثل ما عند المصنف، وفيه: «الموجود» بدل: «الجود» .
وأخرجه الدينوري في «المجالسة» (٢٦٤٧- بتحقيقي) : حدثنا أحمد بن عبدان: نا محمد بن منصور قال: «قال المأمون لمحمد بن عبد الله بن طاهر: بلغني أن فيك سرفاً ... » وذكره بنحوه، والخبر أورده ابن عبد ربه في «العقد الفريد» (١/١٨٨- ١٨٩) ، وابن قتيبة في «عيون الأخبار» (٣/١٩٦) ، والبيهقي في «المحاسن والمساوئ» (ص ١٨٨) ، والجاحظ في «المحاسن والأضداد» (ص ٥٧) ، وابن حمدون في «التذكرة الحمدونية» (٢/٣١٧) ، والزمخشري في «ربيع الأبرار» (٣/٧٠٣) ، والأبي في «نثر الدر» (٧/١٨٤) ، وكلهم أورده بنحوه، من كلام محمد بن عباد المهلبي للمأمون، وليس من كلام أبيه.

والخبر أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٣/٣١٩) -ومن طريقه ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٠/٣٠٤) - وهو بين المأمون ومحمد بن عباد -أيضاً-، وفيه مبالغة في المقدار الذي أعطاه المأمون لمحمد بن عباد المهلبي، ففيه: أنه أعطاه ألف ألف، وألف ألف، وألف ألف، وبعد أن أعجب المأمون قوله، أعطاه ألف ألف، وألف ألف، وألف.
والخبر في «البصائر والذخائر» (٥/ ١٧٩) ، و «الفاضل» للمبرد (٣٥) ، و «محاضرات الراغب» (١/٥٨٦) ، و «غرر الخصائص» (٢٨٤) ، و «كتَّاب بغداد» (٥١) .
وورد القول «منع الموجود سوء ظن بالمعبود» من قول جعفر، وفي «محاضرات الراغب» (١/٧٥٠) حديث نبوي!! وفي «غرر الخصائص» (٢٨٤) ، و «التمثيل والمحاضرة» (٤٤٠) ، و «الفصول المهمة» (١/١١٣) من قول علي -رضي الله عنه-، وهكذا كتب الأدب، الأخبار فيها مضطربة، والآثار مع الأحاديث متداخلة، وما اعتنيت ببعضها إلا بسبب هذا الأمر، وينبغي للفطن والحريص على دينه أن يحسن الأخذ منها، مع التنبّه والتيقّظ والتحفظ، فلمشارب أصحابها أثر بارز في الغلو والمدح والقدح، فليكن ذلك على بالك، والله الهادي.
(١) كذا في الأصل، وفي «العقد الفريد» : «للمحامد» .

<<  <   >  >>