للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صدقاً، وإن كذباً، وزعم أنه قام في ذلك بواجب وهو الجرح والتعديل، وهذا جهل مبين، وضلال وافتراء على الله ... » .

كما أن السيوطيَّ صنَّف أكثر من كتاب في الرد على السَّخاوي وانتقاده، منها «الكاوي في تاريخ السَّخاوي» ، المطبوع ضمن «مقاماته» (١) ، و «القول المجمل في الردّ على المهمل» (٢) .


= مصر» ونحوهما، من أجل بيانه لكثيرٍ من الأحوال، بل كان ذلك سبباً لحقد كثيرين عليه. وسمعت بعض المعتبرين يقول عنه: إنه لم يكن يغتابُ أحداً بلفظه، فكتب بخطه ما يكونُ مضبوطاً عنه، محفوظاً له، والأعمالُ بالنيات.
فأرجو أن يكون مقصده في ذلك جميلاً، لا كبعض من قام في حظّ نفسه، وجعل التعرّض له أو عدم وصفه بالمرتبة التي أنزل نفسه إياها من الشجاعة والشهامة والفصاحة والديانة، والتفرّد عن جميع أهل عصره بسائر العلوم، وكذا من لم يضِفه إذا ورد عليه، أو تعقّب كلامه، وأشباه ذلك من الخرافات، سبباً للطعن، ولو بالقذف الصريح نظماً ونثراً، وعندي من صنيعه من ذلك ما يفوق الوصف، ويتعجب من صدور مثله ممن له أدنى عقل، بحيث فاق فيه بعض من انتدب للتاريخ من المقادسة، وتفرَّقت أوراقه بعد موته، ولم يرفع الله له رأساً، ولا عوّل أحدٌ على كلامه، وحين استشعر مقت النّاس له بمجرّد ظهور هذه الطامات بعد موته، أوصى بعض خواصه ممن أسند وصيته إليه أن يُخفي أوراقه إلى بعد عشرين سنة من مماته، فأجرى الله -عز وجل- عليه سُنَّته في عباده، وألبسه ممَّا أضمره رداءً بين الناس عُرف به، بحيث لا أعلم -والله- أحداً من خلق الله -تعالى- معه ظاهراً وباطناً، بل صرح هو غير مرة بقوله: ما صحبت أحداً وفارقته وأنا طيبُ الخاطر منه سوى اثنين، قلت: وأحدهما غايةٌ في الإهمال. ولمّا كثرت وقائع هذا الرجل، حَسُنَ التصدي لسيرته، وإفراد ذلك في تأليف، فالجزاء من جنس العمل. ألهمنا الله رشدنا، وأعاذنا من شرور أنفسنا، بمنّه وكرمه» .
وانظر دفاعاً آخر للسخاوي في: «الضوء اللامع» (١/٥) ، «فتح المغيث» (٤/٣٦٣) .
(١) (٢/ ٩٣٣-٩٥٧- تحقيق. سمير الدروبي) .
(٢) منه نسخة خطية في دار الكتب المصرية، ضمن (١١٨ - مجاميع) .
وعنه نسخة في مكتبة الجامعة الإسلامية (٤٦٢ ف/٢) .
انظر: «مكتبة الجلال السيوطي» لأحمد شرقاوي إقبال (ص ٢٨١ رقم ٥٢٣) ، و «معجم مؤلفات السيوطي المخطوطة بمكتبات المملكة العربية السعودية العامة» (ص ١٢٣ رقم ٣٨٠) ، «دليل مخطوطات السيوطي» (ص ١١٤ رقم ٥٠٦) .

<<  <   >  >>