-عليه الصلاة والسلام- وإن ذكر الفقر من بين جميع المكاره، فإنه لم يرد به خصوص الفقر الذي هو عدم الإملاك، ولكنه أراد جميع المكاره وأنواع المحن والبلايا» . قال: «فالمراد من الفقر: المكاره والبلايا من أي وجه كان، وليس ذلك خصوص الفقر، ولكنه لما كان من عظيم المكاره وجليل البلايا؛ عبَّر عن البلاء والمكروه به، والدليل عليه أن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأجلّة منهم والكبار لم يكونوا مخصوصين بالفقر وعدم الإملاك، ولم يكونوا مجانبين من البلايا العظام والمكاره الشداد» . ومثَّل على ذلك بقوله: «وقتل عمر، وحوصر عثمان أربعين يوماً، وذبح، ولقي علي -رضي الله عنه- ما لقي، وكأنه كان مخصوصاً بالبلاء مراداً به أكثر عمره، ولقيت عائشة -رضي الله عنها- ما لقيت بالجمل، وطلحة والزبير -رضي الله عنهما قتلا، وتوفي أبو ذر بالربذة وحيداً فريداً، وعمران بن حصين أُضنى على سرير منقوب ثلاثين سنة، وخبّاب مرض مرضاً طالت مدته فيها حتى اكتوى سبعاً في بطنه، وكذلك عامة أصحابه - صلى الله عليه وسلم - لقوا من البلايا والشدائد أنواعاً، وهؤلاء هم المخصوصون بشدة المحبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبتلوا كلهم بالفقر خاصة، ولكن بأنواع البلايا» . (١) أخرجه الترمذي (٢٣٥٠) -ومن طريقه الكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص ٨٤) -، وابن حبان (٢٩٢٢) ، وابن جرير في «تهذيب الآثار» (١/٢٨٣ رقم ٤٧٥-ط. شاكر) ، والبيهقي في «الشعب» (١٤٧١- ط. دار الكتب العلمية أو ١٣٩٨-ط. الهندية) ، والبغوي (١٤/٢٦٨) ، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص ٨٧) ، من طريق شداد أبي طلحة الراسبي، عن أبي الوازع، عن عبد الله بن مغفل، وقال =