للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إِلَى المُحَرَّمَاتِ، وَنُوجِدُ الوَسَائِلَ الحَافِظَةَ لِأَبْصَارِنَا، لِتَصِحَّ قُلُوبُنَا، وَتَسْتَقِيمَ أَحْوَالُنَا، وَنَجِدَ لَذَّةً فِي عِبَادَتِنَا، وَحَلاوَةً فِي مُنَاجَاةِ رَبِّنَا؟ !

إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِغَضِّ الأَبْصَارِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ، {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} (١)، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} (٢)، وَإِنَّ الاسْتِهَانَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى امْرَأَةٍ سَافِرَةٍ فِي نَشْرَةٍ إِخْبَارِيَّةٍ، أَوْ مَقْطَعٍ فُكَاهِيٍّ، فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْأَمْرِ الرَّبَّانِيِّ بِغَضِّ الأَبْصَارِ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ فِي أَغَانٍ مُصَوَّرَةٍ خَلِيعَةٍ، وَأَفْلامٍ وَمُسَلْسَلاتٍ رَقِيعَةٍ؟ ! وَفِي رَمَضَانَ يَنْشَطُ أَهْلُ الشَّرِّ وَالحَرَامِ لِيُوقِعُوا النَّاسَ فِي مَعَاصِي النَّظَرِ، لِيَصِلَ أَثَرُهَا لِلْقُلُوبِ فَتَقْسُو، فَيَتَثَاقَلُ أَصْحَابُهَا عَنِ الطَّاعَات (٣).

يَقُولُ أَبُو الحُسَيْنِ الوَرَّاقُ: "مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مُحَرَّمٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حِكْمَةً عَلَى لِسَانِهِ يَهْدِي بِهَا سَامِعُوهُ وَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ شُبْهَةٍ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورٍ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى طَرِيقِ مَرْضَاتِهِ.

عَلَّقَ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فَقَالَ: "وَهَذَا لِأَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَإِذَا كَانَ النَّظَرُ إِلَى مَحْبُوبٍ فَتَرَكَهُ للهِ عَوَّضَهُ اللهُ مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ النَّظَرُ بِنُورِ العَيْنِ مَكْرُوهًا أَوْ إِلَى مَكْرُوهٍ فَتَرَكَهُ للهِ أَعْطَاهُ اللهُ نُورًا فِي قَلْبِهِ وَبَصَرًا يُبْصِرُ بِهِ الحَقَّ" (٤).


(١) [النور: ٣٠].
(٢) [النور: ٣١].
(٣) من خطبة للدكتور ابراهيم الحقيل بعنوان رمضان وغض البصر.
(٤) الفتاوى (١٥/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>