للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحجة، واختصها الله تعالى بذكره سبحانه في قوله {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} (١).

فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، وقد اختار الله تعالى أن يكون العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها؛ كما جاء في حديث ابن عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قال: «ما الْعَمَلُ في أَيَّامِ العشرِ أَفْضَلُ من العمل في هذه، قالوا: ولا الْجِهَادُ؟ قال: ولا الْجِهَادُ إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» رواه البخاري (٢).

قال الحافظ ابن حجر: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه؛ وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".

وقد ذكر شيخ الإسلام وابن القيم -رحمهما الله-: أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان باعتبار أيام التروية وعرفة والنحر، وأن ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة باعتبار ليلة القدر فيها.

ومع انفتاح الدنيا على كثير من الناس باتوا يستغلون كلَّ إجازة قصيرة أو طويلة، في الترفيه واللعب والغفلة والسفر، ولربما كان ذلك بما يضرهم من تضييع الجمع والجماعات، والتهاون بالصلوات، وترك نوافل العبادات، والغفلة عن ذكر الله تعالى وشكره، وقد يشاهدون في أسفارهم ومتنزهاتهم منكراتٍ لا يستطيعون إنكارها،


(١) [الحج: ٢٧].
(٢) صحيح البخاري (٩٦٩).

<<  <   >  >>