للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف لمكةَ هذا البلدِ الصحراوي الحار أن يستقبل تلك الوفود كلَّ عام بعد دعوة هذا النبي الكريم دهوراً طويلة! ؟ {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} (١).

ذكر ابن كثير عند قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (٢)، أي: ناد في الناس داعياً لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه، فذُكِرَ أنه قال: يا ربِّ، وكيف أبُلِّغ الناسَ وصوتي لا يُنفذِهم؟ فقيل: نادِ وعلينا البلاغ.

"فقام على مقامه، وقيل: على الحجر، وقيل: على الصفا، وقيل: على أبي قبيس، وقال: يا أيها الناس، إنّ ربكم قد اتخذ بيتاً فحُجوه، فيقال: إنَّ الجبال تواضَعتْ حتى بلَغَ الصوتُ أرجاءَ الأرض، وأسَمع من في الأرحامِ والأصلاب، وأجابَه كُلُّ شيءٍ سَمِعه من حجرٍ ومَدَرٍ وشجرٍ، ومن كتبَ الله أنه يحُجُ إلى يوم القيامة: "لبيك اللهم لبيك ". هذا مضمون ما روي عن ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن جبير، وغير واحد من السلف" والله أعلم (٣).

ثم قال: "وهذه الآية كقوله تعالى إخباراً عن إبراهيمَ -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال في دعائه: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} فليس أحدٌ من أهل الإسلام إلا


(١) [إبراهيم: ٣٧].
(٢) [الحج: ٢٧].
(٣) تفسير ابن كثير (ص ١٠٦٣).

<<  <   >  >>