والأيامُ تسرعُ بنا إلى لقاءِ ربِّنا، فتُقَرِّبُ كلَّ بعيد، وتُفني كلَّ جديد، ولا يبتدئُ عامٌ إلا وينتهي، وها هو ذا رمضان مرَّ في لمح البصر، وأعقبه الحج ثم مضى سريعاً وينتهي به العام الهجري؛ فيخلفه عام جديد، وبالأمس أُغلقت المدارسُ وغداً تُفتحُ، وهكذا تمضي الأيامُ بالعمر، حتى يبلُغَ الأجلُ، والحازمُ من استودع في أيامه ولياليه عملاً صالحاً ينفعُه، وادخرَّ في عمره ما تكون به نجاته، والمخذول من يأكلُ ويشربُ ويلهو، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ يَوْمِهِ وَأَمْسِهِ، ولا يعتبرُ بما مضى من عمرِهِ؛ {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} (١).
أَيُّهَا الأخوة: حالةٌ تصيبُ كثيرينَ منّا بعد مواسمِ الطاعاتِ فبَعدَ الهمةِ العاليةِ، والإقبالِ على الله يبدأ بضعفٍ وقصورٍ، فيتعثرُ ممشاه ويبدأ ضوؤه بالانحسار ... ربما يكون طبعياً في بدايته لكن المصيبةَ إذا استَمَّر هذا الضعفُ والتكاسلُ ...
الفتورُ عن الطاعة لم يسلم منه حتى بعضُ الصالحين .. بل هو مدخلٌ من مداخلِ الشيطانِ إليهم، بل إن نَفَس الشيطانِ فيه طويلٌ، وكيدَه في الإصابةِ به متنوع، حتى يقتنعَ صاحبُه أنه فيه على حق، وأنه كان على خطأ أو تطرف.
وهذا الداءُ قد يَتقَمَّصُ في نفس المصاب به شخصيةً أخرى، وهي الكآبةُ أحيانًا أو الحيرةُ، أو الخوفُ، أو الانطواءُ أو نحو ذلك .. وما ذاك إلا لأن العبد