وأمّا بنو النضير فقد ذهب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إليهم يطلب مساعدتهم في دفع دية قتيلين قتلهما عمرو بن أمية الضمري خطأ، فقالوا: نعينك يا أبا القاسم، ثم تآمروا على قتله بإلقاء حجر عليه من على سقف منزل كان يجلس إلى جنب جداره، فأخبره الله بذلك، فرجع إلى المدينة وجمع المسلمين ثم سار إليهم، وكان ذلك في السنة الرابعة من الهجرة وحاصرهم فامتنعوا بحصونهم، ولكن الله قذف في قلوبهم الرعب، فوافقوا على حكم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسألوه أن يسمح لهم بالخروج ويترك لهم أموالهم ودماءهم وما حملت الإبل، ففعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فخرجوا من المدينة بعد أن خرّبوا بيوتهم بأيديهم، إلى خيبر وبلاد الشام، قال الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَار}(١).
وأمّا بنو قريضة فقد اتفقوا مع الأحزاب على مهاجمة المسلمين من الخلف، وبعد نهاية غزوة الأحزاب أمر الله -سبحانه وتعالى- الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمسير إلى بني قريظة، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- للذين معه "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة" فساروا إليهم وحاصروهم خمساً وعشرين ليلة حتى أتعبهم الحصار وشق عليهم، ثم نزلوا على حكم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكان ذلك في شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة فشفعت لهم الأوس، فقال -صلى الله عليه وسلم-: يا معشر الأوس "ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم"