للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيُّهَا الأخوة: لهذه الصفات التي قلّ أن توجد في غيرهم، ولمكرهم وعدم أمن جانبهم وخطرهم، وخيانتهم وقتلهم الأنبياء والصالحين، والعلماء والدعاة: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيم} (١).

لهذا كله أكثر الله تعالى من ذكرهم في القرآن، وحتى لا ينخدع بهم أي مسلم، صدَّق ذلك التاريخ والواقع، فلقد أكثروا من العصيان والتمرد حتى غَضَبِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، ووصفهم فِي الْقُرْآنِ بِالْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٥) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (٢).

وَضَرَبَ عَلَيْهِمْ بِسَبَبِ عِصْيَانِهِمُ الذُّلَّ وَالْهَوَانَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ تَمَامَ الظُّهُورِ فِي تَارِيخِهِمُ الطَّوِيلِ، وَلَمْ يَسْتَطِيعُوا حِمَايَةَ أَنْفُسِهِمْ فِي أَيِّ حِقْبَةٍ تَارِيخِيَّةٍ، بَلْ كَانُوا يَحْتَمُونَ بِغَيْرِهِمْ، وَلَمْ يَسْتَقْوُوا وَيَسْتَأْسِدُوا إِلَّا بِسِوَاهُمْ، وَفِي هَذِهِ السُّنَّةِ الرَّبَّانِيَّةِ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (٣)، وَلِذَا جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ تَحْذِيرُنَا مِنْ فعل ما فعلوا؛ حتى لا يُصِيبنَا مَا أَصَابَهُمْ؛ فَإِنَّ سُنَنَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تُحَابِي أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ


(١) [آل عمران: ٢١].
(٢) [الفاتحة: ٦ - ٧].
(٣) [البقرة: ٦١].

<<  <   >  >>