للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذل أعداؤهم لهم، وانكسروا، وقهرهم المسلمون {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} أي: متحابون متراحمون متعاطفون، كالجسد الواحد، يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، هذه معاملتهم مع الخلق، وأما معاملتهم مع الخالق فإنك {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا} أي: فوصفهم بكثرة الصلاة، التي أجل أركانها الركوع والسجود.

{يَبْتَغُونَ} بتلك العبادة {فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} فهذا مقصودهم بلوغ رضا ربهم، والوصول إلى ثوابه.

{سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ} أي: قد أثرت العبادة - من كثرتها وحسنها - في وجوههم، حتى استنارت، لما استنارت بالصلاة بواطنهم، استنارت [بالجلال] ظواهرهم.

ثمّ أوضح الله تعالى مضرب مثلِ الصحابة -رضي الله عنهم- في الإنجيل، وأنهم كالزرع في نفعهم للخلق واحتياج الناس إليهم، فقوة إيمانهم وأعمالهم بمنزلة قوة عروق الزرع وسوقه، وكون الصغير والمتأخر إسلامه، قد لحق الكبير السابق ووازره وعاونه على ما هو عليه، من إقامة دين الله والدعوة إليه، كالزرع الذي أخرج شطأه، فآزره فاستغلظ، ولهذا قال: {لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ} حين يرون اجتماعهم وشدتهم على دينهم، وحين يتصادمون هم وهم في معارك النزال، ومعامع القتال (١).

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} أولئك هم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- و -رضي الله عنهم- الذين جمعوا بين الإيمان والعمل الصالح ..


(١) تفسير السعدي (ص ٧٩١).

<<  <   >  >>