للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القتل؛ ولهذا قال: {لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي: يؤخر عقوبتهم ليخلص من بين أظهرهم المؤمنين، وليرجع كثير منهم إلى الإسلام.

ثم قال: {لَوْ تَزَيَّلُوا} أي: لو تميز الكفار من المؤمنين الذين بين أظهرهم {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} أي: لسلطناكم عليهم فلقتلتموهم قتلاً ذريعاً (١).

فانظر يا عبدالله! ! كيف ردَّ الله إبادة كفار لوجود مؤمنين صالحين بين أظهرهم فهل يخطر ببال أحدنا أن لا يدفع الله عن المسلمين شراً، والمؤمنون الداعون الموحدون بين أظهرهم، وقد دفعها عن الكفار لوجودهم بين أظهرهم؟ ؟ إنها رحمة الله تعالى بالمؤمن! ! فكن دائماً وأبداً مكرماً للصالحين فإن الله يدفع البلاء عنك بسببهم ..

ثم يخبر الله تعالى في آية عظيمة من آيات الفتح، وسنة كونية جارية لامحالة فيقول عزّ من قائل: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٢٨)} (٢)، يا لها من بشارة أن الله تعالى سيعز هذا النبي الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا الدين ويظهره وينصره على سائر ملل أهل الأرض: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ} أي: بالعلم النافع والعمل الصالح؛ فإن الشريعة تشتمل على شيئين: علم وعمل، فالعلم الشرعي صحيح، والعمل الشرعي مقبول،


(١) تفسير ابن كثير (٧/ ٣٤٥).
(٢) [التح: ٣٣].

<<  <   >  >>