للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

روى الإمام الطبري عن سعد، عن زيد بن أسلم: أن رجلاً مِن المنافقين قال لعوف بن مالك في غزوة تَبوك: ما لقُرَّائنا هؤلاء أرغبنا بطونًا وأكذبنا ألسنةً، وأجبننا عند اللقاء! فقال له عوف: كذبتَ، ولكنك منافقٌ، لأُخْبِرَنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب عوفٌ إلى رسول الله ليُخبره، فوجد القرآن قد سبَقه، قال زيد: قال عبدالله بن عمر: فنظرتُ إليه مُتعلقًا بحَقَب ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تنكبُهُ الحجارة، يقول: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} (١)، فيقول له النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} (٢)، ما يَزيدُه (٣).

وقد نهى الله عن هذا الفعلِ القَبيحِ فقال: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (٤)، وبَيَّن سبحانه أن القدْحَ في الدين والاستهزاءَ به - خصوصًا شعائره التعبدية - هو ما كان عليه المشركون والكفَّار المخالفون للمسلمين، فإذا نادَوْا للصلاة اتخذوها هزوًا ولعبًا؛ لعدم عقلِهم ولجهلهم العظيم، فقال سبحانه: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} (٥)، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا


(١) [التوبة: ٦٥].
(٢) [التوبة: ٦٥].
(٣) تفسير جامع البيان (١٤/ ٣٣٣).
(٤) [البقرة: ٢٣١].
(٥) [المائدة: ٥٨].

<<  <   >  >>