للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد رووا عنه في كلِّ شيء حتى ما يكون في حالات الضرورة البشرية، فعرفنا كيف يأكل، وكيف يلبس، وكيف ينام، وكيف يقضي حاجته، وكيف يتنظف من آثارها.

فأروني عظيماً آخر جَرُؤَ أن يغامر فيقول للناس: هاكم سيرتي كلها، وأفعالي جميعًا، فاطلعوا عليها، وارووها للصديق والعدو، وليجد من شاء مطعنًا عليها؟

أروني عظيماً آخر دُوِّنَت سيرته بهذا التفصيل، وعرفت وقائعها وخفاياها بعد ألف وأربعمائة سنة، مثل معرفتنا بسيرة نبينا! (١).

إنهّا لسيرةٌ تدعو للفخر والاعتزاز والمحبة ..

عن عبدالله بن هشام قال: كُنَّا مَعَ النبي -صلى الله عليه وسلم- وَهْوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كُلِّ شيء إِلاَّ مِنْ نَفْسِى.

فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ»، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: "فَإِنَّهُ الآنَ وَاللَّهِ لأَنْتَ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ نَفْسِى"»، فَقَالَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: «الآنَ يَا عُمَرُ» أخرجه البخاري (٢).

قال سهل: مَن لم يرَ ولايةَ الرسول عليه في جميع الأحوال، ويرى نفسه في ملكه -صلى الله عليه وسلم- لا يذوق حلاوة سنته، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ .. » (٣) الحديث (٤).


(١) من مقال للشيخ علي الطنطاوي بعنوان " عظمة محمد -صلى الله عليه وسلم- - موقع الدرر السنيّة بتصرف يسير.
(٢) صحيح البخاري (ج ٨، ص ١٢٩ - ٦٦٣٢).
(٣) مسند أحمد (ج ٤، ص ٣٣٦).
(٤) الشفا بتعريف حقوق المصطفى -صلى الله عليه وسلم- للقاضي عياض (ج ١، ص ٢٤).

<<  <   >  >>