للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل سمّى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغيث رحمة، كما روى مسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ، عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ، وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي»، وَيَقُولُ، إِذَا رَأَى الْمَطَرَ: «رَحْمَةٌ» (١) أي: هذا رحمة.

ولأن الغيث رحمة من الله تعالى شرع للمسلم التعرض له ليصيبه شيء من تلك الرحمة، كما روى قَالَ أَنَسٌ: أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ الْمَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ تَعَالَى» (٢).

كما شرع الدعاء حال نزوله؛ لأن وقت تنزله وقت رحمة، وأوقات الرحمة مرجوة الإجابة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والدعاء مستجاب عند نزول المطر" (٣).

ومن الأدعية الواردة في ذلك: الدعاء ببركة الغيث، وانتفاع الناس به؛ ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى المطر قال: «اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» (٤) وفي رواية: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ صَيِّبًا نَافِعًا» (٥).


(١) صحيح مسلم (٨٩٩).
(٢) صحيح مسلم (٨٩٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٧/ ١٢٩).
(٤) صحيح البخاري (١٠٣٢).
(٥) النسائي (١٥٢٣).

<<  <   >  >>