أَيُّهَا الأخوة: في قصة هجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لماّ تم اتخاذ القرار الغاشم بقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- نزل إليه جبريل -عليه السلام- بوحي ربه تبارك وتعالى، فأخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الخروج، وحدد له وقت الهجرة قائلاً: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
وذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- في الهاجرة إلى أبي بكر -رضي الله عنه-، قالت عائشة -رضي الله عنها-: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متقنعاً، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر.
قالت: فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستأذن، فأذن له، فدخل، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر:«أخرج من عندك». فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله. قال:«فإني قد أذن لي في الخروج» فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نعم». وبعد إبرام خطة الهجرة رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، ينتظر مجيء الليل .. وفي هذه الأثناء كانت قريش في غاية الاستعداد لتنفيذ خطتهم بقتل النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومع ذلك فقد أخزاهم الله ففشلوا فشلاً ذريعاً، إذ في تلك الساعة الحرجة قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «نم على فراشي، وتسبح ببردي هذا الحضرمي الأخضر، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم»، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينام في برده ذلك إذا نام ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رؤوسهم، وقد آخذ الله