وهكذا حفظ الله النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه -رضي الله عنه- فكانت معجزة عظيمة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.
الخطبة الثانية:
أَيُّهَا الأخوة: إن التاريخ السنوي لم يكن معمولاً به في أول الإسلام، حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ففي السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته -رضي الله عنه- كتب إليه أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- يقول له: إنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الصحابة -رضي الله عنهم- فاستشارهم، فيقال: إن بعضهم قال: أرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكها كلما هلك ملِك أرخوا بولاية من بعده، فكره الصحابة ذلك، فقال بعضهم: أرخوا بتاريخ الروم فكرهوا ذلك أيضاً، فقال بعضهم: أرخوا من مولد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقال آخرون من مبعثه، وقال آخرون: من مهاجره، فقال عمر: الهجرة فرقت بين الحق والباطل فأرخوا بها فأرخوا من الهجرة، واتفقوا على ذلك، ثم تشاوروا من أي شهر يكون ابتداءً السنة؟ فقال بعضهم: من رمضان لأنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن، وقال بعضهم: من ربيع الأول لأنه الشهر الذي قدم فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة مهاجراً واختار عمر وعثمان وعلي أن يكون من المحرم لأنه شهر حرام يلي ذي الحجة الذي يؤدي فيه المسلمون حجهم الذي به تمام أركان الإسلام والذي كانت فيه بيعة الأنصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- والعزيمة على الهجرة، فكان ابتداء السنة الإسلامية الهجرية من الشهر الحرام، ووجب على المسلمين الإذعانُ لهذا الأمر (١)،
لحديث
(١) من خطبة للدكتور سعد بن عبدالله الحميد https://www.alukah .. net/spotlight/٠/١٨٧٩٠