للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيُّهَا الأخوة: "وخسف القمر" ثمّة خسوفٌ في الدنيا، وخسوفٌ في الآخرة، وخسف القمر أي ذهب ضوؤه، والخسوف في الدنيا إلى انجلاء، بخلاف الآخرة، فإنه لا يعود ضوؤه (١).

والخسوف في الدنيا للتذكير بخسوف الآخرة وجميع أهوالها! ! وللتخويف مما تمادى فيه ابنُ آدم في الدنيا وصنعَه من ظلمٍ ومعاصٍ.

"وخسف القمر" على المؤمن أن يقرأ الأحداث الكونية من زاويةٍ شرعية، كالكسوف والخسوف والزلازل والبراكين والفياضات، وجميع ما يُقدِّره الخالق -سبحانه وتعالى- من أحداثٍ كونيةٍ جسام عظام! !

ويستدعي وقفاتِ التأمل والاعتبار حتى لا تمّر عليه دون محاسبة ومراجعة، ويعرفَ ما هو المنهجُ الشرعي إذا وقعت مثلُ هذه الأحداث الكونية؟ ، وكيف كان تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- معها؟ .

"وخسف القمر" سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَجْعَلَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، وَأَنْ يُنَحِّيَ الْجِبَالَ عَنْهُمْ فَيَزْرَعُوا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ نَسْتَأْنِيَ بِهِمْ، وَإِنْ شِئْتَ أن يأتيهم الذي سألوا فإن كفروا هلكوا، كَمَا أَهْلَكْتُ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ، قال «لا، بل استأن بهم» وأنزل اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآَيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا} (٢) (٣).


(١) تفسير القرطبي (١٩/ ٩٦).
(٢) [الإسراء: ٥٩].
(٣) صحيح؛ صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٧/ ١١٥٨)، أخرجه أحمد (٤/ ١٧٣ - ٢٣٣٣)، وغيره.

<<  <   >  >>