للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاتقوا الله عباد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم} (١).

أَيُّهَا الأخوة: في عهد الفاروق عمر -رضي الله عنه- وأرضاه، واصلت جيوش الحق فتحها، حتى بلغت بيت المقدس، فحاصر المُسْلِمُون أهلها، ثم تصالحوا على أن يقدم الخليفة عمرُ -رضي الله عنه- من المدينة ليباشرَ الصلح بنفسه، لما علموا من سيرته وعدله، ولأسباب اختلف فيها.

فكتب أبو عبيدة إلى عمر يخبره بشرطِ أهل إيلياء (بيت المقدس)، فشاور عمرُ أصحابه في الخروج، ثم انشرح صدرُه إلى القدوم على بيت المقدس، واستخلف عليًّا على المدينة، وسار إلى مدينة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وكتب إلى أُمَراء الأجناد أن يستخلفوا على أعمالهم ويوافوه بالجابية، وفي رواية أخرى: أنه وافاهم عند بيت المقدس.

فلما بلغ الجابية من أعمال الشام نزل بها، وخطب خطبة بليغة طويلة مشهورة كان منها قوله -رضي الله عنه-: "أيها الناس، أصلحوا سرائركم تصلح علانيتكم، واعملوا لآخرتكمُ تُكْفَوْا أمر دنياكم، واعلموا أنَّ رجلاً ليس بينه وبين آدم أب، ولا بينه وبين الله هوادة، فمن أراد لَحْبَ وجه الجنة - أي طريقها - فليلزم الجماعة؛ فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد ... " إلخ خطبته البليغة.


(١) [الحديد: ٢٨].

<<  <   >  >>