للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مضاعفة على الصلاة في غيره إلا الحرمين: المكي والمدني، كما أن الصلاة فيه سبب لتكفير الذنوب، وملاحم آخر الزمان تكون على أرضه، ويؤوب إليه أهل الإيمان.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وَقَدْ دَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا رُوِيَ عَنْ الأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ -عليهم السلام- مَعَ مَا عُلِمَ بِالْحِسِّ وَالْعَقْلِ وَكُشُوفَاتِ الْعَارِفِينَ: أَنَّ الْخَلْقَ وَالأَمْرَ ابْتَدَآ مِنْ مَكَّةَ أُمِّ الْقُرَى؛ فَهِيَ أُمُّ الْخَلْقِ، وَفِيهَا اُبْتُدِئَتْ الرِّسَالَةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ الَّتِي طَبَقَ نُورُهَا الْأَرْضَ ... وَدَلَّتْ الدَّلائِلُ الْمَذْكُورَةُ عَلَى أَنَّ مُلْكَ النُّبُوَّةِ بِالشَّامِ وَالْحَشْرَ إلَيْهَا، فَإِلَى بَيْت الْمَقْدِسِ وَمَا حَوْلَهُ يَعُودُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ، وَهُنَاكَ يُحْشَرُ الْخَلْقُ، وَالْإِسْلامُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَكُونُ أَظْهَرَ بِالشَّامِ، وَكَمَا أَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَأَوَّلُ الأُمَّةِ خَيْرٌ مِنْ آخِرِهَا، وَكَمَا أَنَّهُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَعُودُ الأَمْرُ إلَى الشَّامِ كَمَا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، فَخِيَارُ أَهْلِ الأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجَرَ إبْرَاهِيمَ -عليه السلام- وَهُوَ بِالشَّامِ" (١)

أَيُّهَا الأخوة: من حيل اليهود والنصارى أنهم خلال العقود الماضية -عبر الضخ الإعلامي المتكرر، والمراوغات السياسية المتعددة- استطاعوا تحويل قضية احتلال بيت المقدس من كونها قضية إسلامية عالمية إلى حصرها في العنصر العربي، لئلا تأخذ بعدًا دينيًّا؛ ولتحييد مليار مسلم من غير العرب عنها، ثم حولوها إلى قضية إقليمية شرق أوسطية تهم دول الطوق المحيطة بالأرض المحتلة، وتم إخراج سائر الدول العربية منها، ثم حاولوا تضييق هذه القضية التي تهم كل مسلم لتصبح شأنًا


(١) مجموع الفتاوى (٢٧/ ٤٢) وما بعدها.

<<  <   >  >>