فلسطينيًّا داخليًّا، يكون تعامل اليهود فيه مع الفلسطينيين مباشرة، ولا علاقة لدول الطوق به إلا فيما يخدم المصالح الصهيونية، إن اليهود وحلفاءهم استطاعوا أن يفَتِّتوا الأمة المسلمة، ويفرقوها بعد اجتماعها، ويحيدوها عن قضاياها، ومن ثم استباحوا مقدساتها، وهم عازمون على تنفيذ مشروعاتهم الدينية ولو اقتضى ذلك إبادة أهل الأرض المباركة جميعًا.
ونهاية أطماعهم لا تنتهي عند حد أو وعد أو عهد، فقد وقفت رئيسة وزرائهم قبل أربعين سنة على خليج العقبة في إيلات وقالت -وهي تستنشق الهواء-: "إني أشم رائحة أجدادي في خيبر".
وحين سقطت القدس القديمة بأيديهم، وبعد أدائهم صلاة الشكر اليهودية عند حائط البُراق قال قائدهم موشي ديان:"اليوم فُتح الطريق إلى بابل ويثرب، هذا يوم بيوم خيبر، وتعالت هتافات النصر التي رددها اليهود المنتصرون: يا لثارات خيبر".
والمؤسف أن المؤرخ الإنجليزي الموسوعي "أرنولد توينبي" صاحب أكبر دراسة للحضارات، وأحدث نظرية ظهرت في تفسير التاريخ - قد تنبَّه إلى هذا الخطر الذي تجاهله الكثيرون، ولم ينتبه له كثيرٌ من كتابنا ومدعي الثقافة عندنا، تنبه لهذا الخطر الذي يوشك أن يهزَّ البناء الإنساني كله، فوّجه في سنة ١٣٧٤ هـ / ١٩٥٥ م نداءً إلى اليهود في فلسطين، وإلى العالم كله يقول لهم فيه:"لا تَقترفوا أخطاء الصليبيين"، ويقول لهم فيه أيضًا: لقد كان التخلف والتفسُّخ، والفوضى والفساد - يسيطر على العرب، فصال الصليبيون وجالوا، وانتصروا في عشرات المعارك، وهدَّدوا واستفزوا ما شاء لهم زَهْوُهم وخُيَلاؤهم، معتقدين أنهم قادرون على طرْد العرب، وطَمْس معالم