للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: لنعلم أنّ المراد كما قال أهل العلم: أن هذا قد يقع في نادر من الناس لا أنّه غالبٌ فيهم، ثمّ إنه من لطف الله تعالى وسعة رحمته انقلاب الناس من الشر إلى الخير في كثرة، وأمّا انقلابهم من الخير إلى الشر ففي غاية الندور ونهاية القلة (١)، ومع ذلك فالعاقل يجب أن يحذر، وقد حصلت حوادث انتكاساتٍ على مرّ العصور يندى لها الجبين.

ثانياً: السرُّ والله أعلم هو في الخبيئة والجريرة التي تكون عند العبد، فقد لا يُبالي بها لكنها تقلب حالَه في لحظات حياته الأخيرة، فالخبيئة الصالحة تقلب حالَه فيُختم له بخاتمة حسنةٍ مباركة، والجريرة السيئة تقلب حالَه فيُختم له بخاتمةٍ سيئة والعياذ بالله.

وللشيخ ابن عثيمين كلامٌ حول معنى هذا الحديث أيضاً. قال: "ولكن أبشروا فإنّ هذا الحديث مقيد، بأنه لا يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار، وأمّا الذي يعمل بعمل أهل الجنة بقلب وإخلاص فإن الله لا يخذله -عز وجل-، والله أكرم من العبد، فإذا عملت بعمل أهل الجنة بإخلاص - نسأل الله أن يجعلنا والمسلمين منهم - فإن الله لا يخذلك، لكن فيما يبدو للناس" (٢).


(١) تعليق الشيخ محمد فؤاد عبدالباقي على صحيح مسلم (٤/ ٢٠٣٦).
(٢) شرح رياض الصالحين (٣/ ٢٩٤ - ٢٩٣).

<<  <   >  >>