للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعود - أَيُّهَا الأحبة - لضرورة أن يهتم العبدُ بالخبايا الصالحة، وأعمال السر التي لا يثبت عليها إلا من وفقه الله تعالى، روي عنه -صلى الله عليه وسلم-: "من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل" (١).

لقد أدرك سلفنا الصالح أهمية هذا الأمر، فعن أبي صالح الغفاري: أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يتعاهد عجوزاً كبيرة عمياء في بعض حواشي المدينة من الليل، فيستقي لها، ويقوم بأمرها، فكان إذا جاء وجد غيره قد سبقه إليها، فأصلح ما أرادت، فجاءها غير مرة كلاً يسبق إليها، فرصده عمر، فإذا هو بأبي بكر الصديق الذي يأتيها وهو يومئذ خليفة، فقال عمر: أنت هو لعمري! ! (٢) فانظر كيف يصنع أبو بكر -رضي الله عنهم- أجمعين من غير أن يشعر به أحد، وهو خليفة المسلمين في وقته.

قال الإمام إبراهيم الحربي تلميذ الإمام أحمد -رحمهم الله-: "كانوا يستحبّون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح لا تعلم به زوجتُه ولا غيرها" (٣).

يقول الحسن البصري: "إنْ كان الرجل ليجلس المجلس فتجيئه عَبرَتُه فيردّها، فإذا خشي أن تسبقه قام".

وكان ابن المبارك يضع اللثام على وجهه عند القتال لئلا يُعرف! قال أحمد: ما رفع اللهُ ابنَ المبارك إلا بخبيئةٍ كانت له" (٤) (٥).


(١) صحيح؛ صححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢/ ١٠٤١)، أخرجه النسائي (١٠/ ٤٠٠ - ١١٨٣٤)، وغيره.
(٢) أسد الغابة (١/ ٦٤٧).
(٣) سير أعلام النبلاء (٩/ ٣٤٩).
(٤) صفة الصفوة (٢/ ٣٣٠).
(٥) ملخص من مقال: الخبيئة الصالحة تجارة رابحة أمينة أحمد زاده. منشور على الألوكة.

<<  <   >  >>