للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا داود بن أبي هند يصوم أربعين سنة لا يعلم به أهله، كان له دكان يأخذ طعامه في الصباح فيتصدق به، فإذا جاء الغداء أخذ غداءه فتصدق به، فإذا جاء العشاء تعشى مع أهله! .

وكان يقوم الليل أكثر من عشرين سنة، ولم تعلم به زوجته، فسبحان الله .. انظر كيف ربّوا أنفسهم على هذا لعمل وإن كان شاقاً، وحملوها على إخفاء الأعمال الصالحة، فهذه زوجته تضاجعه، وينام معها، ومع ذلك يقوم عشرين سنة أو أكثر ولم تعلم به، فأيُّ إخفاء للعمل كهذا! وأي إخلاص كهذا! (١).

لقد امتثلوا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ، الْغَنِيَّ، الْخَفِيَّ» رواه مسلم (٢).

لقد أدركوا عظم الموقف في قوله -صلى الله عليه وسلم-: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلا ظِلُّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ، وَشَابٌّ نَشَأ فِي عِبَادَةِ رَبِّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» متفق عليه (٣).


(١) انظر: ليكن لك خبيئة من عمل صالح، موقع alimam.ws.
(٢) صحيح مسلم (٤/ ٢٢٧٧ - ٢٩٦٥).
(٣) صحيح البخاري (١/ ٣٣٣ - ٦٦٠)، ومسلم (٢/ ٧١٥ - ١٠٣١).

<<  <   >  >>