للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لنتق الله تعالى بإصلاح البواطن والظواهر، ولنتقرب إلى الله بطيب المقاصد وحسن السرائر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون} (١).

قال ابن الجوزي: "وما زلت أغلب نفسي تارة وتغلبني تارة، فخلوت يوماً بنفسي فقلت لها: ويحك اسمعي أحدثك إن جمعت شيئاً من وجه فيه شبهة، أفأنت على يقين من إنفاقه؟ قالت: لا .. قلت لها: فالمحنة عند الموت أن يحظى به غيرك ولا تنالين إلا الكدر العاجل والوزر، ويحك اتركي هذا الذي يمنع الورع لأجل الله، أَوَمَا سمعت أن من ترك شيئا لله عوضه الله خير منه (٢).

وقال: "وجدت رأي نفسي في العلم حسناً إلا أني وجدتها واقفةً مع صورة التشاغل بالعلم فصحت بها: فما الذي أفادك العلم؟ أين الخوف؟ أين الحذر؟ أَوَمَا سمعت بأخبار الصالحين في تعبدهم واجتهادهم .. أَوَمَا كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- سيد المرسلين ثم قام حتى تورمت قدماه؟ أما كان أبو بكر -رضي الله عنه- شجي النشيج كثير البكاء؟ أما كان في خد عمر -رضي الله عنه- خطان من آثار الدموع؟ " (٣).

أَيُّهَا الأخوة: كم هي خطيرة تلك النفس لما لها من تأثير على حياة الإنسان ومصيره في الآخرة، فقد اتفق علماء السلف على أن النفس قاطع وحاجز بين القلب وبين الوصول إلى الرب، وأنها لا تستطيع أن تصل إلى مرضاة الله -عز وجل- والنجاة يوم


(١) [الحشر: ١٨].
(٢) صيد الخاطر (ص ٢٤٨).
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>