للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام: وشد الرحل إلى مسجده مشروع باتفاق المسلمين كما في الصحيحين عنه أنه قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا» وفي الصحيحين عنه أنه قال: «صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام» فإذا أتى مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه يسلم عليه وعلى صاحبيه كما كان الصحابة يفعلون، وأما إذا كان قصده بالسفر زيارة قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- دون الصلاة في مسجده فهذه المسألة فيها خلاف، فالذي عليه الأئمة وأكثر العلماء أن هذا غير مشروع، ولا مأمور به لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى» (١).

ونحن - أَيُّهَا الأحبة - إذ شرفنا الله تعالى بهذا البقاع الطاهرة، فيجب علينا أن نلتزم بشرعه، ونتقيد بأحكامه وآدابه، ونحفظ هذه النعم العظيمة بشكرها وتقديرها حق قدرها، ولهذا قال الله تعالى عن مكة، وعينه ينطبق على المدينة في الحرمة: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} (٢)، قال ذلك سبحانه ممتنًّا على قريش فيما أحلهم من حرمه، الذي جعله للناس سواء العاكف فيه والبادي، ومن دخله كان آمنًا، فهم في أمن عظيم، وقوله: {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُون} أي: أفكان شكرهم على هذه النعمة العظيمة أن أشركوا به، وغيروا شرعه، و {بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا


(١) مجموع الفتاوى ٢٧/ ٢٦.
(٢) [العنكبوت: ٦٧].

<<  <   >  >>