للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما عنده عليهم، قال: فكان قاضي المالكية زين الدين بن مخلو فيقول بعد ذلك: ما رأينا أتقى من ابن تيمية، لم نُبق ممكنًا في السعي فيه، ولما قَدِرَ علينا عفا عنا" (١).

فيا ترى كيف صبر شيخ الإسلام على هذا الأذى وخرج بهذه النفس الزكيّة الطيبة الطاهرة وهذا الانشراح المبهر، وهي دعوة لكل من أحس بأذى من غيره من المسلمين أن يطبق هذه القواعد، فممّا قال:

يعِينُ العبدَ على هذا الصبر عدّةُ أشياءَ:

أحدها: أن يشهدَ أن الله خالقُ أفعالِ العباد، حركاتهم وسكناتهم وإراداتهم، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يتحرك العالم في العلوي والسفلي ذرة إلا بإذنه ومشيئته، فالعباد آلة، فانظر إلى الذي سَلَّطَهم عليك، ولا تَنظُرْ إلى فِعلِهم بكَ، تَسْتَرِحْ من الهمّ والغَمِّ.

الثاني: أن يَشْهَد ذنوبه، وأنّ الله إنما سلطهم عليه بذنبه، كما قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٢).

فإذا شهد العبد أن جميع ما يناله من المكروه فسببه ذنوبه، اشتغلَ بالتوبة والاستغفار من الذنوب التي سلَّطهم عليه بسببها، عن ذَمِّهم ولَومِهم والوقيعةِ فيهم.


(١) أصول الحكم على المبتدعة عند شيخ الإسلام ابن تيمية مبحث ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية.
(٢) [الشورى: ٣٠].

<<  <   >  >>