عليه من المصيبة التي نالتْه من جهتهم، فإذا عفا وصَفحَ فَرغَ قلبُه وجسمُه لمصالحه التي هي أهمُّ عنده من الانتقام.
الثامن: أن يعلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما انتقمَ لنفسِه قَطُّ، فإذا كان هذا خيرَ خلق الله وأكرمَهم على الله لم يَنتقِمْ لنفسِه، مع أن أَذَاه أَذَى الله، ويتعلّقُ به حقوق الدين، ونفسه أشرف الأنفُس فكيف يَنتقِمُ أحدنا لنفسِه التي هو أعلم بها وبما فيها من الشرور والعيوب.
التاسع: إن أُوذِيَ على ما فعلَه لله، أو على ما أُمِرَ به من طاعتِه ونُهِي عنه من معصيتِه، وجبَ عليه الصبرُ، ولم يكن له الانتقام، فإنّه قد أوذِي في الله فأجرُه على الله. ولهذا لمّا كان المجاهدون في سبيل الله ذهبتْ دماؤهم وأموالُهم في الله لم تكن مضمونةً، فإن الله اشترى منهم أنفسهم وأموالهم، فالثمن على الله لا على الخلق ...
العاشر: أن يشهد معية الله معه إذا صبر، ومحبة الله له إذا صبر ورضاه، ومن كان الله معه دفع عنه أنواع الأذى والمضرات ما لا يدفعه عنه أحد من خلقه، قال الله تعالى:{وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}(١).
أقول قولي هذا وأستغفر الله ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله ..
(١) مختصر من جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية (١/ ١٦٨ - ١٧٤) ورسالة الصبر على الأذى لشيخ الإسلام مطبوعة في مطوية وما ذُكر هو جزء منها فقط ....