للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَكَانَ يُصَلِّي بَعْدَ حِزْبِهِ مِنَ الْمُصْحَفِ صَلَاةً طَوِيلَةً جِدًّا، ثُمَّ يَنْقَلِبُ إِلَى دَارِهِ -وَقَدِ اجْتَمَعَ فِي مَسْجِدِهِ الطَّلَبَةُ- فَيُجَدِّدُ الْوُضُوءَ، وَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا انْقَضَتِ الدُّوَلُ، صَارَ إِلَى صَوْمَعَةِ الْمَسْجِدِ، فَيُصَلِّي إِلَى الظُّهْرِ، ثُمَّ يَكُونُ هُوَ الْمُبْتَدِئَ بِالْأَذَانِ، ثُمَّ يَهْبِطُ ثُمَّ يَسْمَعُ إِلَى الْعَصْرِ، وَيُصَلِّي وَيَسْمَعُ، وَرُبَّمَا خَرَجَ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ، فَيَقْعُدُ بَيْنَ الْقُبُورِ يَبْكِي وَيَعْتَبِرُ.

فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَتَى مَسْجِدَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي، وَيَرْجِعُ إِلَى بَيْتِهِ فَيُفْطِرُ، وَكَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَيَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ جِيرَانُهُ، فَيَتَكَلَّمُ مَعَهُمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ، ثُمَّ يُصَلِّي الْعِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَيُحَدِّثُ أَهْلَهُ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً قَدْ أَخَذَتْهَا نَفْسُهُ، ثُمَّ يَقُومُ. هَذَا دَأْبُهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ.

وَكَانَ جَلْدًا، قَوِيًّا عَلَى الْمَشْيِ، قَدْ مَشَى مَعَ ضَعِيفٍ فِي مَظْلَمَةٍ إِلَى إِشْبِيلِيَّةَ، وَمَشَى مَعَ آخَرَ إِلَى إِلْبِيرَةَ، وَمَعَ امْرَأَةٍ ضَعِيفَةٍ إِلَى جَيَّانَ (١).

تُوُفِّيَ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ، سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ. رحمةً واسعة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ..


(١) سير أعلام النبلاء (ج ١٣ ص ٢٩٦).

<<  <   >  >>