للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسلمين والروم (الإمبراطورية البيزنطية)، ويعتبرها بعض المؤرخين من أهم المعارك في تاريخ العالم لأنها كانت بداية أول موجة انتصارات للمسلمين خارج جزيرة العرب، وآذنت لتقدم الإسلام السريع في بلاد الشام.

ومن شجاعتها -رضي الله عنها-: ما قاله هشام بنُ عُرْوَةَ: كَثُرَ اللُّصُوْصُ بِالمَدِيْنَةِ فَاتَّخَذَتْ أَسْمَاءُ خِنْجَراً زَمَنَ سَعِيْدِ بنِ العَاصِ: كَانَتْ تَجْعَلُهُ تَحْتَ رَأْسِهَا.

ومن الأمور المهمة في سيرتها التي تحتاج إلى وقفة: حكمتها ورجاحة عقلها وعزَّتُها: فقد قالت لابنها عبد الله عندما حاصره الحجاج وانفض القوم عنه: يَا بُنَيَّ عِشْ كَرِيْماً وَمُتْ كَرِيْماً لا يَأْخُذْكَ القَوْمُ أَسِيْراً.

قَالَ عُرْوَةُ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَخِي - قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ بِعَشْرِ لَيَالٍ - عَلَى أُمِّنَا وَهِيَ وَجِعَةٌ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: كَيْفَ تَجِدِيْنَكِ؟ قَالَتْ: وَجِعَةٌ، قَالَ: إِنَّ فِي المَوْتِ لَعَافِيَةً، قَالَتْ: لَعَلَّكَ تَشْتَهِي مَوْتِي فَلا تَفْعَلْ وَضَحِكَتْ، وَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَشْتَهِي أَنْ أَمُوْتَ حَتَّى تَأْتِيَ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْكَ: إِمَّا أَنْ تُقْتَلَ فَأَحْتَسِبُكَ، وَإِمَّا أَنْ تَظْفَرَ فَتَقَرَّ عَيْنِي، إِيَّاكَ أَنْ تُعْرَضَ عَلَى خُطَّةٍ فَلا تُوَافِقَ فَتَقْبَلُهَا كَرَاهِيَةَ المَوْتِ، قَالَ: وَإِنَّمَا عَنَى أَخِي أَنْ يُقْتَلَ فَيَحْزُنُهَا ذَلِكَ.

قال ابن الأثير: وخبرها مع ابنها لما استشارها في قبول الأمان لما حصره الحجاج، يدل على عقل كبير، ودين متين، وقلب صبور قوي على احتمال الشدائد.

وَكَانَ عمرها في ذلك الوقت حوالي مائة سنة.

وقيل: لَمَّا قَتَلَ الحَجَّاجُ ابْنَها عبدالله بن الزُّبَيْرِ دَخَلَ عليها وَقَالَ لَهَا: يَا أُمَّه إِنَّ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ وَصَّانِي بِكِ فَهَلْ لَكِ مِنْ حَاجَةٍ؟ قَالَتْ: لَسْتُ لَكَ بِأُمٍّ وَلَكِنِّي أُمُّ المَصْلُوْبِ عَلَى رَأْسِ الثَّنِيَّةِ، وَمَا لِي مِنْ حَاجَةٍ وَلَكِنْ أُحَدِّثُكَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-

<<  <   >  >>