وَقَدْ كَانَ أُصِيبَ بَصَرُهُ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَرَأَتْ أُمُّهُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلَ، -عليه الصلاة والسلام-، فَقَالَ: يَا هَذِهِ، قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَى وَلَدِكِ بَصَرَهُ بِكَثْرَةِ دُعَائِكِ، أَوْ قَالَ: بُكَائِكِ، فَأَصْبَحَ وَهُوَ بَصِيرٌ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فَكَّرْتُ الْبَارِحَةَ فَإِذَا أَنَا قَدْ كَتَبْتُ فِي مُصَنَّفَاتِي نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفِ حَدِيثٍ مُسْنَدَةً، وَكَانَ يَحْفَظُهَا كُلَّهَا.
ودَخَلَ مَرَّةً إِلَى سَمَرْقَنْدَ فَاجْتَمَعَ بِهِ أَرْبَعُمِائَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ بِهَا، فَرَكَّبُوا لَهُ أَسَانِيدَ وَأَدْخَلُوا إِسْنَادَ الشَّامِ فِي إِسْنَادِ الْعِرَاقِ، وَخَلَطُوا الرِّجَالَ فِي الْأَسَانِيدِ، وَجَعَلُوا مُتُونَ الْأَحَادِيثِ عَلَى غَيْرِ أَسَانِيدِهَا، ثُمَّ قَرَؤوهَا عَلَى الْبُخَارِيِّ، فَرَدَّ كُلَّ حَدِيثٍ إِلَى إِسْنَادِهِ، وَقَوَّمَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ وَالْأَسَانِيدَ كُلَّهَا، وَمَا تَعَلَّقُوا عَلَيْهِ بِسَقْطَةٍ فِي إِسْنَادٍ وَلَا فِي مَتْنٍ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ بِمِائَةِ مُحَدِّثٍ فِي أَهْلِ بَغْدَادَ.
وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ كَانَ يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَيَحْفَظُ مَا فِيهِ مِنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأَخْبَارُ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ أَثْنَى عَلَيْهِ عُلَمَاءُ زَمَانِهِ مِنْ شُيُوخِهِ وَأَقْرَانِهِ: فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَا أَخْرَجَتْ خُرَاسَانُ مِثْلَهُ.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: لَمْ يَرَ الْبُخَارِيُّ مِثْلَ نَفْسِهِ.
وَقَالَ مَحْمُودُ بْنُ النَّضْرِ أَبُو سَهْلٍ الشَّافِعِيُّ: دَخَلْتُ الْبَصْرَةَ وَالشَّامَ وَالْحِجَازَ وَالْكُوفَةَ، وَرَأَيْتُ عُلَمَاءَهَا كُلَّمَا جَرَى ذِكْرُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ فَضَّلُوهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَقَالَ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ: هُوَ فَقِيهُ هَذِهِ الْأُمَّةِ.
وَقَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute