للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما يحصل من أمور في هذا الكون فهي من تدابير الخالق، فلا تقلق ولا تيأس وتفاءل، وتوكل عليه سبحانه فهو أرحم بنا من أمهاتنا وآبائنا، فربَّ محنة تحمل بين طياتها منحاً عظيمة، فهو سبحانه من {يُدَبِّرُ الأمْرَ} القدري والأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند المليك القدير {مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأرْضِ} فَيُسْعِدُ بها ويُشْقِي، ويُغْنِي ويُفْقِرُ، ويُعِزُّ، ويُذِلُّ، ويُكرِمُ، ويُهِينُ، ويرفع أقوامًا، ويضع آخرين، ويُنزل الأرزاق.

{ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} أي: الأمر ينزل من عنده، ويعرج إليه {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (١)، وهو يعرج إليه، ويصله في لحظة.

{ذَلِكَ} الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، وانفرد بالتدابير، {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} فبسعة علمه، وكمال عزته، وعموم رحمته، أوجدها، وأودع فيها، من المنافع ما أودع، ولم يعسر عليه تدبيرها (٢).

قال -صلى الله عليه وسلم-: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (٣).


(١) [السجدة: ٥].
(٢) تفسير السعدي (١/ ٦٥٤).
(٣) صحيح مسلم (١/ ٢٢٩٥ - ٢٩٩٩).

<<  <   >  >>