للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومهمَّة شياطين الجن والإنس إضلالُ بني آدم، ومِن طُرُق إغواءِ شياطينِ الإنس والجن للمسلم - كي يَصطَّف مع الباطل أو جزءٍ منه، شَعُر أم لم يَشعر - طريقان رئيسان:

الطريق الأول: هو طريق الشهوات والملذَّات ... يُساعدُهم في ذلك النفْسُ الأمَّارة بالسوء؛ ولذا نجد النبي -صلى الله عليه وسلم- محذِّرًا مِن هذا الطريق الخَطِر على دينِ المرءِ وسلوكِه وخُلُقه ... ومبِّشرًا للمُبْتعِد عنه بقوله -عليه الصلاة والسلام-: «حُجِبَتِ الجَنَّةُ بالمكاره، وحُجِبَتِ النارُ بالشهوات» متفق عليه (١).

الطريق الثاني: مِن طُرُق إغواء شياطين الإنس والجن: طريق الشُّبهات والتأويلات.

فإنَّه ما نشَأت الفِتَنُ المُدلَهمَّة، والتفرُّق في الأمَّة، والضلال المبين إلا مِن هذا الطريق ... حِينَ يَتْرُكُ المَفْتُونُ اليَقِينَ وَيَتَّجِهُ للشُّبْهَةِ فَتَصْرِفُهُ بِالتَّأْوِيلِ عَنِ الحَقِّ إِلَى أَنْ يَزِيغَ.

وَفِي آثَارِ التَّأْوِيلِ يَقُولُ ابْنُ القَيِّمِ تَعَالَى فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ نَفِيسٍ، أذكر طرفًا منه: "وَإِنَّمَا أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجَمَلِ، وَصِفِّينَ، وَالْحَرَّةِ، وَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَهَلُمَّ جَرًّا بِالتَّأْوِيلِ ... فَمَا اُمْتُحِنَ الْإِسْلَامُ بِمِحْنَةٍ قَطُّ إِلَّا وَسَبَبُهَا التَّأْوِيلُ ... وقال: وَمَا الَّذِي سَفَكَ دَمَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا، وَأَوْقَعَ الْأُمَّةَ فِيمَا أَوْقَعَهَا فِيهِ حَتَّى الْآنَ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي سَفَكَ دَمَ عَلِيٍّ -رضي الله عنه-، وَابْنِهِ الْحُسَيْنِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ


(١) متفق عليه؛ البخاري (٦٤٨٧)، ومسلم (٢٨٢٢).

<<  <   >  >>