للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أَرَاقَ دَمَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَصْحَابِهِ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أَرَاقَ دَمَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَادَاتِ الْأُمَّةِ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أُرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاء الْعَرَبِ فِي فِتْنَةِ أَبِي مُسْلِمٍ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي قَتَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الْخُزَاعِيَّ، وَخَلَّدَ خَلْقًا مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي السُّجُونِ حَتَّى مَاتُوا غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي سَلَّطَ سُيُوفَ التَّتَارِ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى رَدُّوا أَهْلَهَا غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ " (١) انْتَهَى.

أيها القارئ الكريم: لستُ بصدد تعظيم سفْك الدم الحرام وخطورته، وجُرم مرتكبه ... فهذا معلوم مِن الدين بالضرورة، وقد بيَّن العلماءُ والدعاة ذلك تبيينًا لا لَبْس فيه؛ هذا مِن جهة شناعة الفعْل شرعًا، وأما مِن جهة فساده في السياسة الشرعية في زماننا؛ فإنَّ المشروع الاستعماريَّ الغربيَّ لإحداث الفوضى في بلاد المسلمين قد ظهَر مِن السِّرِّ إلى العَلَن، وبُدئ في تنفيذه عمليًّا؛ وذلك بعد فشَل الغزو المباشر لأفغانستان والعراق؛ لتكون الفوضى بدلَ الغزو، كما تكون الفوضى أيضًا فوضَى خلَّاقة؛ ومِن ثَمَّ فقد خَلَق بُؤَرًا للصِّراع بأسباب مذهبية أو عرقية أو غيرها، وأشعَل نارَ الفتنة التي تحرِّك أكثرهم، وأمدَّهم بالسِّلاح لِيَقتُل بعضُهم بعضًا، حتى إذا ما أُنهكوا جميعًا جاء المستعمر لِيَفرِض نفوذَه، ويُملي شروطَه، ويُقسِّم المقَسَّم مِن بلاد المسلمين إلى دُوَيلات صغيرة مُتعادِية، يَسهُل إشعالُ الصراع بينها في أي


(١) إعلام الموقعين عن رب العالمين (٤/ ١٩٣).

<<  <   >  >>