للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس عندي من النفقة ما يُقَوِّي على بنائه لكنتُ أدخلتُ فيه من الحِجر خَمْسَ أذرُع، ولجعلت لها باباً يدخل الناس منه وباباً يخرجون منه، قال: فأنا اليومَ أجدُ ما أُنفق، ولستُ أخاف الناس: قال: فزاد فيه خمس أذْرع من الحِجر حتى أبدى أُسَّاً نظر الناس إليه، فبنى عليه البناء.

وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعاً، فلّما زاد فيه استقصره فزاد في طوله عشرة أذْرُع وجعل له بابين: أحدهما يُدْخَلُ منه، والآخر يُخْرَج منه، فلمّا قُتل ابنُ الزبير كتب الحجّاج إلى عبد الملك بن مروان يُخبره بذلك، ويُخْبره أنّ ابنَ الزبير قد وضع البناء على أُسٍّ نظر إليه العدول من أهل مكة.

فكتب إليه عبد الملك: إنّا لسنا من تلطيخ ابن الزُّبير في شيء (١)، أمّا ما زاد في طوله فأَقِرَّهُ وأمّا ما زاد فيه من الحِجر فرُدّه إلى بنائه، وسُدَّ الباب الذي فتحه، فنقضه وأعاده إلى بنائه" (٢).

ومن غريب ما وجده المرمّمون عام ١٤١٧ هـ، أنّ الكشف على قواعد البيت أثبت أنها متينة قوية تصلح لحمل البيت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بعد أن وجدت أحجار تلك القواعد متداخلة تداخلاً عجيباً دون الحاجة إلى رابط يجمع بينهما؛ لأنها في شكلها تماثل أعناق الإبل، بما يطابق الرواية التي أخرجها الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن عبد الله بن الزبير يوم نقض بناء البيت، وبلغ به أساس إبراهيم.

فالبناء على تلك القواعد مضى عليه آلاف السنين دون حاجة لمؤونة تربط بين


(١) يقال لطخته أي رميته بأمرٍ قبيح.
(٢) صحيح مسلم برقم (١٣٣٣/ ٤٠٢).

<<  <   >  >>