للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد هذا البيان من أمر البيت وما يرمز إليه من دعوة التوحيد، وما تشاركه فيه فريضة الحج التي تتمحور حوله في سائر مراحلها ـ وهو ما وعدتك التفصيل فيه ـ نبدأ من دعاء عرفة:

روى الإمام الترمذي في جامعه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلّا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" (١):

فالتوحيد هو أجلّ الغايات التي يهدف إليها الركن الخامس، وأجلاها، وهو الكنز العزيز الذي كان على الدوام موضع اهتمام الرسل والأنبياء، لذلك وجدْنا نبيَّ الله يعقوب بين أولاده وهو على فراش الموت يدلي بوصيته الأخيرة، ونصغي إليها فإذا بها دعوة للحفاظ على عقيدة التوحيد واضحة المعالم راسخة الجذور: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: ١٣٣].

إنّ الذين يتقدمون إلينا اليوم بدعوات مشبوهة تدعو للتنازل عن ثوابت عقيدتنا تحت ستار الحوار ثم يندفعون للحج إلى بيت الله الحرام، إنما يفرغون الحج من أهم مضامينه! .

عند هذه النقطة أنفتل من جديد إلى التلبية فأقول: إنّ الأمة الإسلامية في حالة إجماع على مشروعية التلبية، لكن الاختلاف عند أئمتها المجتهدين في مسألة وجوب هذه التلبية،


(١) سنن الترمذي برقم (٣٥٨٥).

<<  <   >  >>