للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإمام الشافعي ذهب إلى أنها سنة وليست شرطاً لصحة الحج ولا واجبة، فلو تركها صح حجه، وفاتته الفضيلة ولا دم عليه، وهذا أيضاً مذهب الإمام أحمد حيث ينعقد الحج عندهما بالنية بالقلب من غير لفظ كما ينعقد الصوم.

وخالف في المسألة الإمام الأكبر أبو حنيفة النعمان الذي يرى أن الحج لا ينعقد إلّا بانضمام التلبية إلى النية، أو أن يسوق الهدي مع النية، إلّا أنه أجاز ما في معناها من التسبيح والتهليل وسائر الأذكار وكذا قال الإمام مالك: إنها واجبة ويجب بتركها دم (١).

التلبية التي أهلَّ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي التي رواها لنا جابر: "لبيك اللهمّ لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنَّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، وهذه بحرفيتها ليست ملزمة بدليل زيادة الناس في حضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ألفاظها بما جرى على ألسنتهم من الثناء والذكر الحسن دون أن ينكر نبيُّنا الكريم عليهم مكتفياً - صلى الله عليه وسلم - بما أهلَّ به ومقراً أصحابه بما أهلُّوْا به، ومن ذلك ما رواه مسلمٌ من أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يزيد على التلبية ويقول: "لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك، لبيك والرغباء إليك والعمل" (٢)، كما روي عن أنسٍ - رضي الله عنه - قوله: "لبيك حقاً تعبداً ورقاً"، وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يزيد: لبيك ذا النعماء والفضل الحسن. لبيك مرهوباً منك ومرغوباً إليك" (٣).

اختلاف الأذكار عن الصحابة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين ظَهْرَانَيْهِمْ، والقرآن ينزل دليل على صحة الزيادة في الذكر طالما هو ذكر في لفظه ومدلوله، وأن تخطئة الأمة فيما لو


(١) اُنظر صحيح مسلم بشرح النووي ٨/ ٢٦٦، وفتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام الحافظ
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ٣/ ٥١٧.
(٢) صحيح مسلم برقم (١١٨٤/ ١٩).
(٣) صحيح مسلم بشرح النووي فيما نقله عن القاضي عياض ج ٨ ص ٣٣٢.

<<  <   >  >>